كتب الروائي أحمد السماري تعقيباً على حوار نشر في «عكاظ» مع القاص ضيف فهد، حيث وصف إجابة ضيف حول إجادة زملائه في كتابة القصة القصيرة جدًا – وفيها عبارة تقول إن “كتّاب القصة القصيرة جدًا السعوديين لم ينجح أحد منهم” – بأنها رؤية متعجلة وغير دقيقة، رغم التقدير لقائلها. يرى السماري أن هذه الرؤية قد لا تعكس الواقع الحيوي للحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية، خاصة في العقد الأخير، حيث شهد الأدب السعودي تطوراً ملحوظاً وأسماءً بارزة، سواء كانوا من المخضرمين أو الشباب الواعدين، الذين أبدعوا في هذا الفن وأسدوا لأعمالهم مكانة في المكتبة العربية.
نجاح كتاب القصة القصيرة جدًا في السعودية
في سياق هذا الرد، يبرز السماري أن الثقافة الأدبية السعودية غنية بأعمال مبتكرة في القصة القصيرة جدًا، حيث قدم العديد من الكتاب مساهمات فاعلة شكلت نقلة نوعية. على سبيل المثال، محمد المزيني مع مجموعته “شهوات”، التي تجسد براعة في السرد المكثف، والدكتور حسن النعمي من خلال “ما وراء الباب”، التي تفتح أبواباً جديدة للتأمل. كما برزت فاطمة الدوسري بـ”فقاعات ملونة”، وعبدالله النصر عبر “تسونامي كالغيمة أو أخف عبوراً”، حيث يمزج هؤلاء بين العمق الفكري واللغة الإبداعية. يذكر أيضاً نايف مهدي، الكاتب الشاب الواعد، الذي حقق نجاحاً بارزاً مع مجموعته “بصمات مرتجفة”، والتي ضمت أكثر من 191 قصة قصيرة جدًا، تجمع بين العوالم الغرائبية والسرد الآسر، مما أكسبها اهتماماً نقدياً عربياً واسعاً. بالإضافة إلى ذلك، يشمل هذا السياق القاصين مثل حسن البطران والدكتورة شيمة الشمري، الذين ساهموا في إغناء هذا المجال.
إبداعات في السرد القصير
وعند الحديث عن السرد القصير في السعودية، لا يمكن تجاهل الرواد الذين مهدوا الطريق لجيل اليوم. فمنهم الراحلون مثل محمد علي علوان وعلي الدميني وجارالله الحميد، الذين تركوا إرثاً غنياً، إلى جانب جبير المليحان ومحمد المنصور الشقحاء وأحمد الدويحي وخالد اليوسف، بالإضافة إلى ليلى الجهني ورجاء عالم وعبدالكريم النملة. هؤلاء الكتاب، سواء في القصة التقليدية أو القصيرة جدًا، أسهموا بتنوع وابتكار يعكس تنوع المشهد الثقافي. هذا النشاط الدائم يؤكد أن المملكة، بفضل الله، تظل مصدراً خصباً للمبدعين في هذا الفن، حيث يتجدد الإبداع ويحقق نجاحات تستحق الاحتفاء.
ختاماً، يؤكد السماري أن الحكم على نجاح التجربة الأدبية السعودية يتطلب نظرة شاملة وواسعة، بعيداً عن التعميمات المطلقة التي قد تكون مجحفة. كما قال ضيف فهد نفسه، “لا وصاية على القصة”، ونؤيده في أن المشهد القصصي السعودي، خاصة في القصة القصيرة جدًا، يبقى زاخراً ومفعماً بالوعود، يستحق القراءة والتقدير. في هذا السياق، نأمل أن يتم نشر هذا الرد لتوضيح الرؤى المتنوعة، مع الإشادة بدور وسائل إعلامية مثل «عكاظ» في تعزيز الصدق والرصانة في النقاش الثقافي.
تعليقات