تهديدات ترمب بفرض الرسوم الجمركية على صناعة الأدوية
يواصل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب حملته لفرض رسوم جمركية على قطاعات متعددة، بما في ذلك صناعة الأدوية، بهدف إعادة الإنتاج إلى الولايات المتحدة وتعزيز الاقتصاد المحلي. هذه الخطوات تأتي كرد فعل لما يراه ترمب كخسارة في الفرص الوظيفية والإنتاجية، حيث يعتقد أن الرسوم ستدفع الشركات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها العالمية. ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن هذه الإجراءات قد لا تكون الأكثر فعالية، معتبرين أن التركيز على إصلاحات ضريبية شاملة قد يؤدي إلى جلب استثمارات طويلة الأمد أكثر من مجرد فرض رسوم مؤقتة. في صناعة الأدوية، التي تتمتع بهوامش ربحية عالية، كانت الدافع الرئيسي لنقل الإنتاج إلى دول مثل إيرلندا هو الفروقات الضريبية، لا تكاليف العمالة الرخيصة كما في صناعات أخرى مثل الملابس أو الألعاب.
إصلاحات ضريبية لتعزيز الإنتاج المحلي
في ظل التغييرات الضريبية التي أدخلها ترمب عام 2017، تم خفض الضريبة على الشركات في الولايات المتحدة من 35% إلى 21%، مما قلص الفجوة مع دول مثل إيرلندا التي كانت ضريبتها 12.5%. هذه الإصلاحات أجبرت إيرلندا على رفع ضريبتها إلى 15% كرد فعل للضغوط العالمية، لكن بعض الشركات لا تزال تلجأ إلى هيكلة معقدة لتسجيل أرباحها في دول منخفضة الضرائب. يؤكد قادة الصناعة، مثل الرئيس التنفيذي لشركة إيلي ليلي، أن الحل الأمثل يكمن في تقليص هذه الفجوة بشكل أكبر، من خلال تعديلات إضافية قد تشمل خفض الضريبة إلى 15% للتصنيع داخل أمريكا، واستعادة الخصومات الكاملة للاستثمارات الرأسمالية والبحث والتطوير. اقتراحات أخرى تشمل إعادة هيكلة قواعد الفوائد المرتبطة بالإنفاق على المنشآت المحلية، كما اقترحت كريستين كاتشينسكي من كيه بي إم جي، بالإضافة إلى تشديد القواعد لمنع تسجيل الأرباح الأمريكية في دول منخفضة الضرائب، مثل تعديل نظام GILTI ليشمل فقط الأرباح الأجنبية الحقيقية أو رفع معدله، وفقاً لآراء خبراء مثل جورج كالاس.
من ناحية أخرى، تواجه صناعة الأدوية غير الحاصلة على براءة اختراع تحديات مختلفة، حيث تعتمد بشكل كبير على الإنتاج في دول مثل الهند والصين بسبب التكاليف المنخفضة. فرض الرسوم على هذه المنتجات قد يؤدي إلى نقص في توافر الأدوية أو مشكلات في الجودة، كما حذرت مارتا ووسينسكا من معهد بروكينغز، مشددة على أن إعادة إنتاج هذه الأدوية إلى أمريكا سيتطلب دعماً مالياً حكومياً مباشراً لضمان الاستدامة. رغم ذلك، شهدت الفترة اللاحقة لإعادة انتخاب ترمب إعلانات عن استثمارات ضخمة من شركات مثل إيلي ليلي بقيمة 27 مليار دولار، وروش بـ50 مليار دولار، وجونسون آند جونسون بـ55 مليار دولار، موجهة نحو تعزيز التصنيع الأمريكي. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذه الاستثمارات قد تكون استجابة عابرة للضغوط الحالية، وأن الإصلاحات الضريبية الشاملة هي الوسيلة الحقيقية لضمان استمرارية هذه التغييرات وتعزيز الاقتصاد الأمريكي على المدى البعيد. في النهاية، يبدو أن التوازن بين الرسوم الجمركية والإصلاحات الضريبية هو المفتاح لإعادة تشكيل صناعة الأدوية بشكل يعزز الابتكار والإنتاج المحلي دون تعريض المستهلكين لمخاطر.
تعليقات