أعلنت الولايات المتحدة أنها لم تعد تفرض شرط تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل كمتطلب أساسي لتحقيق تقدم في المحادثات المتعلقة بالتعاون النووي المدني. هذا التغيير يأتي في وقت يسبق زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى السعودية ضمن جولته في المنطقة، مما يعكس تحولا في نهج الإدارة الأمريكية تجاه الشراكات الإقليمية. وفقا للمصادر المطلعة، يمثل هذا التنازل خطوة كبيرة من واشنطن، حيث كانت المفاوضات النووية سابقا مرتبطة بعقد اتفاقيات أوسع نطاقا تشمل السلام والدفاع.
ترامب وإسرائيل
يُعتبر هذا التعديل في السياسة استجابة لمطالب المملكة العربية السعودية، التي أكدت مرارا أنها لن تقبل بأي اعتراف بإسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة. هذا التمسك السعودي كان قد عطل جهود إدارة الرئيس جو بايدن السابقة لتوسيع اتفاقيات براهام، التي أبرمت أثناء العهد الأول لترامب. ومع ذلك، أوضح مصدر مطلع أن إزالة شرط التطبيع لم تجعل اتفاقا نوويا وشيك الحدوث، حيث لا تزال هناك عقبات أخرى، خاصة فيما يتعلق بقانون الطاقة الذرية الأمريكي. على سبيل المثال، تشمل النقاط الخلافية المادة 123، التي تفرض قيودا على عمليات تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم لمنع انتشار الأسلحة النووية. السعودية غير مستعدة حاليا للتوقيع على اتفاقية تمنع هذه العمليات، رغم أن الوزير الأمريكي للطاقة أكد أن مثل هذه الاتفاقية شرط أساسي، مع إشارته إلى وجود طرق بديلة للوصول إلى حل.
في السياق نفسه، يجري استكشاف حلول مبتكرة مثل اتفاق “الصندوق الأسود”، الذي يسمح بتشغيل منشآت لتخصيب اليورانيوم في السعودية تحت مراقبة فريق أمريكي فقط، دون السماح لأطراف أخرى بالوصول. هذا النهج يهدف إلى توفير التوازن بين مصالح الطرفين، مع الإبقاء على الالتزامات الدولية في مكافحة الانتشار النووي. في الوقت نفسه، تشير تقارير إلى أن أهمية هذا الاتفاق بالنسبة لترامب تكمن في الجوانب الاقتصادية والعسكرية، حيث من المتوقع أن يشمل استثمارات سعودية بقيمة 100 مليار دولار في الصناعة العسكرية الأمريكية. هذه الاتفاقية قد تولد أرباحا هائلة للخزانة الأمريكية وتخلق آلاف فرص العمل للمواطنين الأمريكيين، مما يعزز من مكانة الرئيس ترامب في الداخل.
ترامب والعلاقات الإقليمية
بالنسبة لإسرائيل، لم يكن هذا التغيير مفاجئا، حيث يُنظر إلى أنه جزء من استراتيجية ترامب لتعزيز نفوذه في الشرق الأوسط دون الارتباط الوثيق بقضايا التطبيع. يبقى التركيز الآن على ما إذا كان هذا التحول سيؤدي إلى تغييرات أكبر في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، خاصة مع اقتراب زيارة ترامب. ومع ذلك، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن أي تطورات رسمية ستعلن مباشرة من الرئيس، مشيرا إلى أن التكهنات الحالية غير رسمية. هذا الوضع يعكس التعقيدات الدبلوماسية في المنطقة، حيث تتداخل الاهتمامات النووية، والأمنية، والاقتصادية في صياغة مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية. على الرغم من الخلافات، فإن مثل هذه الاتفاقات قد تفتح أبوابا جديدة للتعاون الإقليمي، مما يساعد في تهدئة التوترات وتعزيز الاستقرار. وفي نهاية المطاف، يبقى السؤال مفتوحا حول كيفية تأثير هذه التغييرات على الديناميكيات الإقليمية، خاصة في ظل التزام السعودية بموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
تعليقات