سلطان الجابر: «اصنع في الإمارات» مفتاح أسواق 3 مليارات نسمة
في عصر التنافسية العالمية الشديدة، يبقى الابتكار والاستراتيجية الاقتصادية المحكمة هما المفتاح للوصول إلى أسواق جديدة. في هذا السياق، يبرز مبادرة "اصنع في الإمارات" كخطوة حاسمة في استراتيجية الإمارات العربية المتحدة لتحويل نفسها إلى مركز صناعي وتجاري عالمي. يقود هذه الجهود الرئيس سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الذي يرى في هذه المبادرة مفتاحاً للوصول إلى أسواق تضم أكثر من 3 مليارات نسمة. في هذا التقرير، نستعرض كيف تحولت هذه المبادرة إلى رافع اقتصادي رئيسي.
من هو سلطان الجابر؟
سلطان الجابر، أحد أبرز الشخصيات الإماراتية في عالم الاقتصاد والطاقة، يشغل منصب وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بالإضافة إلى مهام أخرى مثل رئيس مجلس إدارة شركة أدنوك للطاقة. يُعتبر واحدًا من أكثر الرؤساء إبداعًا في المنطقة، حيث ساهم في تشكيل سياسات اقتصادية طموحة. من خلفيته كمدير تنفيذي في قطاع الطاقة، أعاد الجابر رسم خريطة الاقتصاد الإماراتي نحو التنويع والابتكار، مع التركيز على جعل الإمارات محطة جذب للاستثمارات العالمية. في خطاباته المتعددة، يؤكد الجابر أن الاقتصاد الإماراتي لن يعتمد على موارد الماضي، بل على القدرات التكنولوجية المستقبلية، وهو ما يتجلى في مبادرة "اصنع في الإمارات".
ماهية مبادرة "اصنع في الإمارات"
تم إطلاق مبادرة "اصنع في الإمارات" كجزء من رؤية الإمارات 2031، التي تهدف إلى تعزيز القطاع الصناعي المحلي وجعله محركًا للنمو الاقتصادي. تتمحور المبادرة حول تشجيع الشركات المحلية والدولية على إنشاء منشآت صناعية في الإمارات، مع الاستفادة من البنية التحتية المتقدمة، مثل المناطق الحرة والموانئ العالمية. كما تقدم المبادرة حوافز مالية وتشريعية، مثل تخفيض الرسوم الجمركية، تسهيل الإجراءات الإدارية، ودعم الابتكار في مجالات مثل الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، والصناعات المتقدمة.
الهدف الرئيسي هو زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، حيث يهدف البرنامج إلى رفع نسبة الصادرات المصنعة محليًا إلى مستويات عالمية. وفقًا لسلطان الجابر، فإن هذه المبادرة لن تقتصر على الإمارات، بل ستكون جسراً للوصول إلى أسواق دولية واسعة، تشمل أكثر من 3 مليارات نسمة في مناطق مثل آسيا وأفريقيا وأوروبا.
كيف يفتح "اصنع في الإمارات" أبواب أسواق 3 مليارات نسمة؟
يقف موقع الإمارات الجغرافي كأحد أبرز عوامل النجاح. تقع الإمارات في قلب طرق التجارة العالمية، مما يجعلها بوابة نحو أسواق إقليمية كبيرة. من خلال اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها الإمارات مع دول مثل الصين، الهند، والولايات المتحدة، يمكن للمنتجات المصنعة في الإمارات الدخول إلى أسواق تضم شعوبًا تزيد أعدادها على 3 مليارات نسمة دون عقبات جمركية كبيرة.
في حديثه خلال مؤتمر دولي، أكد سلطان الجابر أن "اصنع في الإمارات" يعزز سلاسل الإمداد العالمية، خاصة بعد جائحة كورونا التي أبرزت أهمية الإنتاج المحلي. على سبيل المثال، في قطاع الطاقة المتجددة، ساهمت المبادرة في جذب استثمارات تزيد عن مليارات الدولارات من شركات عالمية، مما يسمح بتصدير المنتجات إلى أسواق مثل الاتحاد الأوروبي وشرق آسيا. كما أن التركيز على الابتكار يجعل الإمارات جاهزة للمنافسة في أسواق الاقتصاد الرقمي، حيث يُتوقع أن يصل حجم تجارة الإمارات الإلكترونية إلى مئات المليارات بحلول 2030.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المبادرة تؤدي إلى خلق فرص عمل هائلة، حيث يتوقع أن يوفر قطاع الصناعة أكثر من 1.5 مليون وظيفة بحلول عام 2031. هذا يعزز الاقتصاد المحلي ويجعل الإمارات وجهة مفضلة للاستثمار، مما يعزز من قدرتها على الوصول إلى أسواق جديدة مثل تلك في إفريقيا النامية أو جنوب شرق آسيا.
الآثار الاقتصادية والمستقبلية
تعكس مبادرة "اصنع في الإمارات" رؤية شاملة للاقتصاد المستدام، حيث تركز على تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز التنويع. وفقًا لتقارير البنك الدولي، ساهمت مثل هذه المبادرات في رفع نمو الاقتصاد الإماراتي بنسبة تصل إلى 5% سنويًا. كما أن سلطان الجابر يركز على الاستدامة البيئية، مثل تطوير الصناعات الخضراء، لضمان أن الإنتاج المحلي يتوافق مع اتفاقيات باريس للمناخ.
في المستقبل، من المتوقع أن تكون المبادرة محفزًا لشراكات عالمية أكبر، خاصة مع التحالفات الاستراتيجية في مبادرة الحزام والطريق الصينية أو اتفاقيات التجارة مع الاتحاد الأوروبي. يؤكد الجابر في كلماته: "لن نكتفي بإنتاج محلي، بل سنصنع جسورًا تجارية تمتد إلى أبعد الحدود".
ختاماً: رؤية لمستقبل أكثر إشراقاً
في الختام، يمثل سلطان الجابر ومبادرة "اصنع في الإمارات" نموذجًا لكيفية تحويل الرؤى الاقتصادية إلى واقع. من خلال فتح أبواب أسواق تضم 3 مليارات نسمة، تضمن الإمارات لنفسها مكانة عالمية في عالم الاقتصاد التنافسي. هذه المبادرة ليست مجرد برنامج صناعي، بل هي خطوة نحو مستقبل مزدهر يعتمد على الابتكار، الاستدامة، والتعاون الدولي. مع قيادة مثل سلطان الجابر، تبقى الإمارات في طليعة الدول النامية نحو الاقتصاد الرقمي العالمي.
تعليقات