محمود محيي الدين: الاستدامة تحولت إلى أولوية استراتيجية لبناء اقتصادات قوية ومجتمعات مترابطة

أصبحت الاستدامة في الآونة الأخيرة محورًا أساسيًا في استراتيجيات بناء اقتصادات وقوية ومجتمعات مترابطة، حيث يرى الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، أن التحديات العالمية تجبر على إعادة ترتيب الأولويات. في مؤتمر حول “التمويل المستدام في أفريقيا والشرق الأوسط” الذي نظمته مبادرة التمويل التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في مراكش، أكد محيي الدين على ضرورة تعزيز الجهود لمواجهة التوترات الجيوسياسية والتغيرات الاقتصادية التي تهدد مسيرة التنمية. من خلال كلمته الافتتاحية، ركز على كيفية استخدام التمويل العادل لسد الفجوات المالية والإصلاحات في البنية المالية العالمية، معتبرًا أن هذا النهج يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق أهداف الاستدامة على المدى الطويل.

الاستدامة أولوية استراتيجية للاقتصادات والمجتمعات

في سياق التطورات المتسارعة، شدد الدكتور محيي الدين على أن الاستدامة لم تعد خيارًا بل ضرورة، خاصة مع التأثيرات السلبية للتوترات الجيوسياسية والسياسات التجارية على تمويل التنمية. أشار إلى أهمية المؤتمر الرابع لتمويل التنمية في إسبانيا نهاية الشهر المقبل، الذي سيكون فرصة لمناقشة استراتيجيات جديدة تعزز التمويل العادل من خلال معالجة أزمة الديون العالمية وإصلاح الأطر المالية الدولية. كما أبرز الحاجة إلى جهود مضاعفة في أفريقيا والشرق الأوسط لتلبية الاستثمارات المرتبطة بالمناخ، حيث تتطلب هذه المناطق تحسين كمية ونوعية التمويل العام، بالإضافة إلى تطوير مشاريع استثمارية تعتمد على مشاركة المقرضين والمستثمرين المحليين والدوليين. هذه الخطوات، وفقًا لمحيي الدين، ستساعد في تجاوز التحديات المالية وتعزيز الاستدامة كأداة لبناء اقتصادات أكثر مقاومة.

التطور المستدام من خلال التعاون الإقليمي

يعاني العديد من الدول في أفريقيا والشرق الأوسط من فجوات تمويلية هائلة، حيث تصل الفجوة السنوية في أفريقيا إلى 195 مليار دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، في حين تحتاج المنطقة العربية إلى أكثر من 660 مليار دولار سنويًا، مع تعرض بعض الدول لأزمات دين حادة. في الجلسة الحوارية التي ترأسها إريك أوشر وشاركت فيها ممثلون من مجموعة البنك الدولي، اقترح محيي الدين تعزيز التكامل الإقليمي كحل فعال، مشددًا على أن التوترات الجيوسياسية تجعل التعاون الإقليمي أمرًا حتميًا. على سبيل المثال، أشار إلى منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي يمكن أن تزيد من الصادرات بنسبة تزيد عن 30% بحلول عام 2035، مما يدعم أهداف الاستدامة. لتحقيق ذلك، اقترح خطوات عملية تشمل إصلاح السياسات لتحسين حشد الموارد المحلية، وتطوير أدوات مالية لجذب الاستثمار الخاص، واستخدام التمويل المختلط الذي يجمع بين القطاعين العام والخاص. هذه الاقتراحات ليس فقط تساعد في تجاوز التحديات الاقتصادية الحالية، بل تعزز أيضًا البنية التحتية والابتكار لضمان تنمية مستدامة وشاملة. في الختام، يؤكد محيي الدين أن الالتزام بهذه الاستراتيجيات سيسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة، حيث يصبح التعاون الإقليمي الركيزة الأساسية لمواجهة التحديات العالمية وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحماية البيئية.