بانتظار الدخان الأبيض.. الكرادلة يحددون البابا الجديد للفاتيكان

الكرادلة الكاثوليك قد شرعوا اليوم، الأربعاء، في عملية سرية تامة لاختيار خليفة البابا فرنسيس الراحل، داخل أروقة كنيسة السيستين المغلقة تمامًا. هذه الجلسات تأتي بعد أكثر من أسبوعين من رحيل البابا، حيث يترقب العالم النتائج من خلال دخان يخرج من المدخنة المعدنية فوق الكنيسة، حيث يشير الدخان الأبيض إلى نجاح الانتخاب، بينما يعني الدخان الأسود عدم الوصول إلى اتفاق.

انتخاب البابا الجديد: التحديات والخطوات

قبل انطلاق جلسات الكونكلاف، أقيم قداس في بازيليك القديس بطرس، ترأسه عميد مجمع الكرادلة الإيطالي جوفاني باتيتسا ري، الذي حث في عظته على اختيار بابا قادر على مواجهة المنعطفات التاريخية المعقدة، مع الالتزام بالمحافظة على وحدة الكنيسة وتجنب أي اعتبارات شخصية في هذا القرار الحاسم. يجتمع حاليًا 133 كاردينالًا من 70 بلدًا مختلفًا، وهو رقم قياسي يعكس تنوع الكنيسة العالمية، ليشاركوا في هذه العملية الانتخابية التي تتابعها وسائل الإعلام العالمية، خاصة أمام جمهور يصل تعداده إلى حوالي 1.4 مليار كاثوليكي.

تبدأ الجولات الانتخابية مساء اليوم بجولة أولى، من غير التوقع بلوغ غالبية الثلثين المطلوبة (أي 89 صوتًا) في هذه المرحلة الأولى، حيث تهدف إلى استكشاف آراء الأعضاء فقط. ستواصل الجلسات غدًا الخميس مع جولتين صباحًا وأخريين بعد الظهر، مما يضمن إيقاعًا دقيقًا للعملية. بين المرشحين البارزين، يبرز الإيطاليان بييترو بارولين وبييرباتيستا بيتسابالا، بالإضافة إلى المالطي ماريو غريش، والفلبيني لويس أنطونيو تاغلي، ومدير أساقفة مرسيليا الفرنسي جان-مارك أفلين، الذين يُعتبرون الأقرب إلى تولي قيادة الكنيسة الكاثوليكية في هذه المرحلة.

ينبغي الإشارة إلى أن البابا فرنسيس الراحل، الذي كان أول بابا أرجنتيني، أطلق سلسلة إصلاحات واسعة في الكنيسة، مما أدى إلى تعزيز دور الكرادلة من الدول المهمشة أو غير الأوروبية، حيث تشكل هذه الفئة أكثر من 81% من المشاركين في التصويت. خلال الأيام الماضية، عقد الكرادلة 12 جلسة عامة لتبادل الآراء حول التحديات التي تواجه الكنيسة، مثل القضايا الاجتماعية والأخلاقية، ليحددوا معالم البابا القادم الذي يجب أن يواجه هذه التحديات بكفاءة وحكمة.

التحديد الدقيق لقيادة الكنيسة

مع استمرار هذه العملية الانتخابية، يظل التركيز على ضمان وحدة الكنيسة في مواجهة التحولات العالمية، حيث يجب على البابا الجديد أن يتعامل مع قضايا مثل التنوع الثقافي، والصراعات الاجتماعية، والتحديات البيئية التي شغلت الكنيسة مؤخرًا. الانتخابات ليست مجرد اختيار شخصية، بل هي فرصة لتعزيز دور الكنيسة في العالم، مع الاستفادة من الخبرات المتعددة للكرادلة من مختلف الخلفيات. كما أن التغطية الإعلامية الواسعة لهذه الأحداث تعكس أهميتها في تشكيل مستقبل الكاثوليكية، حيث يتوقع الجميع أن يؤدي هذا الانتخاب إلى مرحلة جديدة من الإصلاحات والتكيف مع الواقع المعاصر.

في الختام، يمثل هذا الانتخاب نقطة تحول كبيرة، حيث يجب على الكرادلة الالتزام بالقيم الكنسية الأساسية أثناء اتخاذ قرارهم، لضمان أن البابا القادم يكون قويًا في مواجهة التحديات المستقبلية، سواء كانت داخلية مثل إصلاح الهيكل الكنسي، أو خارجية مثل بناء جسور مع الديانات الأخرى. هذا الاجتماع ليس مجرد حدث تقليدي، بل هو تعبير عن التزام الكنيسة بالتطور والتكيف، مما يجعل نتيجته مؤثرة على ملايين الأشخاص حول العالم.