السعودية تتوسط لصالح جنبلاط مع أحمد الشرع

لم تكن زيارة النائب السابق وليد جنبلاط إلى دمشق للمرة الثانية في أشهر قليلة مجرد حادث عرضي، بل نتاج تراكم تطورات سياسية واقتراب من مواجهات طائفية في المناطق الدرزية. هذه الزيارة، التي مهدت لها وساطات دينية وسياسية، تظهر كخطوة لاستغلال ظرف عاجل يتعلق بالأمن الدرزي، أكثر من كونها جهداً لبناء ثقة دائمة بين لبنان وسوريا. بعد زيارته الأولى عقب سقوط نظام الأسد، سعى جنبلاط إلى بناء علاقة مع القيادة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، إلا أن حسابات محلية في السويداء حالت دون ذلك، حيث خشيت دمشق من استفزاز وجهاء محليين يخشون التدخل الخارجي.

تحليل ليبانون ديبايت لزيارة جنبلاط

في هذه الزيارة، تأثرت دمشق بالضغوط الداخلية والخارجية، حيث شهدت مواجهات بين فصائل درزية مسلحة والقوات الحكومية بسبب عدم الالتزام بوعود الشرع بمنح حريات أكبر. هذه التصعيدات، التي شملت هجمات على أحياء درزية قرب قصر الشرع، واتهامات بانتهاكات ضد الأقليات، دفعا دمشق لإعادة النظر في موقفها من جنبلاط. أما هو، فقد سعى لتقديم مقترحات حول السويداء وكيفية التعامل مع الشخصيات المعارضة مثل الشيخ موفق طريف، إلا أن استجابة دمشق كانت مترددة. كما طالب جنبلاط بتسليم مطلوبين بتهمة الاغتيالات في لبنان، لكنه واجه رفضاً واضحاً، مما يعكس عدم استعداد القيادة السورية للخوض في ملفات تاريخية حساسة.

إعادة الاتصال السياسي

مع ذلك، فإن الوساطة السعودية الدينية، عبر شيخ العقل سامي أبي المنى، كانت السبب الرئيسي في فتح قنوات التواصل هذه المرة، بسبب القلق على أمن الدروز في لبنان وسوريا. هذا الاتصال أدى إلى لقاء ديبلوماسي في بيروت ضم سفراء دول مثل قطر وتركيا، لكن استبعاد ممثل سوريا والإمارات أثار تساؤلات حول فعاليته. الزيارة كانت استكشافية أكثر من تفاوضية، حيث سمع الشرع من اقتراحات جنبلاط دون التزام واضح. في السياق الواسع، يمكن أن تعزز هذه الخطوة صورة القيادة السورية الجديدة كأقل تشدداً تجاه الأقليات، وتوفر فرصة لوساطة لبنانية داخلية، رغم المخاوف من ردود فعل وجهاء السويداء. هذا التحرك يعكس تحولاً في المشهد السياسي الإقليمي، حيث تسعى السعودية لإعادة تموضعها في الشأن السوري عبر البوابة الدرزية، وسط تصاعد التهديدات الطائفية التي أدت إلى أكثر من 17 ألف حادثة، وفق تقديرات. بهذه الطريقة، تحولت زيارة جنبلاط من محاولة فردية إلى ركيزة محتملة لتهدئة التوترات العابرة للحدود، مع الحرص على تجنب إثارة حساسيات محلية قد تعيق التقدم نحو استقرار أكبر.