يعتمد سكان منطقة الدريكيش في بريف طرطوس على الزراعة كأساس لدخلهم اليومي، رغم التحديات المتزايدة التي تجبرهم على مواجهة ارتفاع أسعار المستلزمات والنقل وضعف توافر المياه. في هذه المنطقة، يشكل الزراعة نمط حياة تقليديًا، حيث يعمل معظم السكان فيها لتعويض نقص فرص العمل.
الزراعة في الدريكيش
تُعد الزراعة في الدريكيش مصدرًا رئيسيًا للأمن الغذائي والاقتصاد المحلي، حيث يمارسها حوالي 90% من السكان. يروي المزارعون قصصًا عن كفاحهم اليومي، مثل ما يواجهه المزارع حسين وسوف في قرية سريغس، حيث يزرع الزيتون والتفاح على مساحات محدودة تصل إلى سبعة دونمات. على الرغم من جودة أشجار التفاح، إلا أن الزيتون يعاني من انخفاض الإنتاجية بسبب الظروف المناخية وأمراض مثل “عين الطاووس” الناتجة عن الرطوبة المفرطة. كما يؤكد وسوف أن ارتفاع أسعار الأدوية والأجور، إلى جانب ضعف قدرة المواطنين على الشراء، يفاقم الأزمة، مما يدفع إلى مطالبة بإعادة دعم حكومي وفتح أسواق خارجية لتصريف الإنتاج الزائد.
من جانبه، يشير كمال أحمد، رئيس الجمعية الفلاحية في بجنة الجرد، إلى أن المنطقة تتخصص بزراعة الفواكه مثل التفاح والزيتون، بالإضافة إلى البطاطا والخضروات الصيفية. ومع ذلك، يواجه المزارعون صعوبات في تسويق محاصيلهم بسبب ابتزاز التجار والسماسرة وضعف الطلب، مما يدفع أحمد إلى الدعوة لدعم الحكومة من خلال توفير الأسمدة والقروض وأسواق تصريف موثوقة. أما المزارع رياض إسماعيل من قرية بيت يوسف، فقد تحول من زراعة التفاح إلى محاصيل أخرى مثل المشمش والخوخ واللوز على ثمانية دونمات، بسبب عدم جدواها الاقتصادية الناتجة عن ارتفاع التكاليف وتراكم الديون. هذا العام، أثر نقص المياه بسبب انخفاض الأمطار على عمله، مما دفع إلى حفر آبار وشراء صهاريج مكلفة تصل تكلفتها إلى 225 ألف ليرة لكل صهريج سعة 20 برميلًا، كما طالب بإحياء مشروع لاستجرار مياه سد الدلبة الذي يغذي 25 قرية مجاورة.
فلاحة بريف طرطوس
تُعد فلاحة بريف طرطوس جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي والاقتصادي، حيث تشكل الزيتون 75% من الزراعات، بينما يشمل الباقي التفاح والخوخ والعنب والخضروات. يؤكد المهندس حسن كامل حسن، رئيس الرابطة الفلاحية، أن إنتاج الزيتون انخفض هذا العام بنسبة 25% بسبب الأمراض والجفاف، مما يعزز من التحديات مثل ارتفاع أسعار النقل والمستلزمات. يروي أبو علي سلمان من قرية جبل تخلة تجربته مع تراجع إنتاج الزيتون بسبب “عين الطاووس” وارتفاع تكاليف الصيانة، مشيرًا إلى أن الأسعار الحالية لا تغطي التكاليف. في ظل هذا الواقع، يطالب المزارعون الحكومة بقروض موسمية لشراء المستلزمات، إلى جانب دعم التسويق وفتح آبار مياه لتعزيز الاستدامة الزراعية. هذه التحديات تجعل الزراعة في المنطقة تحديًا يوميًا، لكنها تظل ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي، مع أمل في تحسين الظروف لضمان مستقبل أفضل للمزارعين.
تعليقات