برئاسة محمد بن راشد.. مجلس الوزراء يعتمد استراتيجية الإمارات للمالية الإسلامية وصناعة الحلال

دبي، الإمارات العربية المتحدة – في خطوة تؤكد على التزام الإمارات بتعزيز اقتصادها الإسلامي وتعزيز دورها الريادي عالميًا، أعلن مجلس الوزراء، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن اعتماده لاستراتيجية شاملة تهدف إلى تطوير قطاعي المالية الإسلامية وصناعة الحلال. هذه الاستراتيجية تمثل نقلة نوعية في مسيرة الإمارات نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد القائم على المبادئ الإسلامية.

في اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد مؤخرًا في دبي، أكد سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على أهمية هذه الاستراتيجية في تعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي للمالية الإسلامية والحلال. وقال سمو الشيخ محمد بن راشد في تصريح له: "إن هذه الاستراتيجية تعكس رؤيتنا لمستقبل اقتصادي قوي يجسد قيمنا الإسلامية، ويهدف إلى جعل الإمارات وجهة عالمية للاستثمارات الشعائرية والمنتجات الحلال، مما يعزز من تنويع الاقتصاد ويفتح فرصًا جديدة للشباب والمستثمرين".

أهداف الاستراتيجية ومحاورها الرئيسية

تركز استراتيجية الإمارات للمالية الإسلامية وصناعة الحلال على عدة محاور رئيسية، تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز الابتكار في هذين القطاعين. يتضمن البرنامج الاستراتيجي:

• تعزيز المالية الإسلامية: يهدف إلى رفع حجم سوق المالية الإسلامية في الإمارات إلى مستويات عالمية، من خلال دعم الشركات المالية التي تعمل وفقًا للشريعة الإسلامية. تشمل الخطط إنشاء برامج تدريبية وتعليمية، وتطوير المنصات الرقمية للتمويل الإسلامي، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الدولية من خلال تسهيلات قانونية وتنظيمية. وفقًا لتقارير اقتصادية، يُقدر حجم سوق المالية الإسلامية عالميًا بأكثر من 3 تريليون دولار، وتسعى الإمارات للحصول على حصة أكبر من هذا السوق.

• تطوير صناعة الحلال: تشمل الاستراتيجية تعزيز إنتاج وتصدير المنتجات الحلال، مثل الغذاء والأدوية والمنتجات الاستهلاكية الأخرى التي تتوافق مع المعايير الإسلامية. سيعمل مجلس الوزراء على إنشاء هيئات متخصصة للتحقق من الامتثال لمعايير الحلال، بالإضافة إلى تشجيع الشركات المحلية على الابتكار في هذا المجال. من المتوقع أن يساهم هذا القطاع في إنشاء آلاف الوظائف وتعزيز الصادرات، حيث يُقدر حجم سوق الحلال عالميًا بأكثر من 2 تريليون دولار سنويًا.

كما ستنفذ الاستراتيجية برامج تعاونية مع الدول الأخرى، خاصة في الدول الإسلامية والأسواق الناشئة، لتبادل الخبرات وتطوير سلاسل الإمداد الدولية. هذا النهج يعكس رؤية الإمارات 2071، التي تهدف إلى بناء اقتصاد مرن ومستدام يعتمد على الابتكار والقيم الأخلاقية.

أهمية الاستراتيجية في السياق الاقتصادي

تأتي هذه الاستراتيجية في وقت يشهد فيه العالم نموًا سريعًا في قطاعي المالية الإسلامية وصناعة الحلال، مع زيادة الطلب من قبل المستهلكين والمستثمرين حول العالم. بالنسبة للإمارات، تعد هذه الخطوة جزءًا من جهودها للتنويع الاقتصادي، خاصة بعد التبعية التقليدية لقطاع الطاقة. من خلال الاستثمار في هذين القطاعين، تسعى الإمارات إلى:

• تعزيز الابتكار والتكنولوجيا: مثل دمج تقنيات الفينتك (FinTech) في التمويل الإسلامي، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التحقق من المنتجات الحلال.
• دعم التنمية المستدامة: من خلال الالتزام بالمبادئ الإسلامية التي تؤكد على العدل والمسؤولية البيئية والاجتماعية.
• جذب الاستثمارات الأجنبية: حيث أصبحت الإمارات مقصدًا رئيسيًا للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص شعائرية آمنة.

أشار خبراء اقتصاديون إلى أن هذه الاستراتيجية ستساهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، وستعزز من مكانتها كمركز تجاري عالمي. على سبيل المثال، قال الدكتور أحمد الزهيري، خبير اقتصادي في الإمارات: "إن اعتماد هذه الاستراتيجية يعني خطوة كبيرة نحو تحويل الإمارات إلى معيار عالمي للاقتصاد الإسلامي، مما سيجذب المزيد من الشركات العالمية ويفتح أبوابًا للتعاون الدولي".

التحديات والآفاق المستقبلية

رغم الفرص الواسعة، تواجه الاستراتيجية بعض التحديات، مثل الحاجة إلى تطوير المهارات البشرية والتغلب على التحديات التنظيمية. ومع ذلك، يتفاءل الخبراء بأن الإمارات، بقيادتها القوية، ستتجاوز هذه العقبات من خلال استثمارات مستمرة في البحث والتطوير.

في الختام، تعد استراتيجية الإمارات للمالية الإسلامية وصناعة الحلال خطوة مدروسة نحو تحقيق الرؤية الشاملة للدولة، التي تهدف إلى بناء مجتمع مزدهر يجمع بين التقدم الاقتصادي والالتزام بالقيم الإسلامية. مع استمرار تنفيذ هذه الاستراتيجية، من المتوقع أن تشهد الإمارات نموًا اقتصاديًا غير مسبوق، مما يعزز من دورها كقائد عالمي في هذه المجالات.