يشهد العالم انتشارًا متزايدًا لعمليات الاحتيال الرقمي، حيث يعتمد المحتالون على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقليد أصوات الأطفال وخداع الآباء، مما يؤدي إلى سرقة ملايين الدولارات. في الآونة الأخيرة، أصبحت هذه الخدع أكثر تعقيدًا، حيث يتم استهداف الأفراد من خلال رسائل وهمية تبدو وكأنها من أقاربهم المقربين.
محتالون يستغلون الذكاء الاصطناعي لخداع الأسر
تعتمد هذه العمليات على برمجيات متقدمة تتيح للمحتالين انتحال الأصوات، مما يجعل الضحايا يقعون في فخ الثقة الزائفة. يبدأ الأمر عادةً برسالة نصية بسيطة على تطبيقات مثل واتساب، حيث يدعي المرسل أنه أحد أفراد العائلة، مثل الابن أو الابنة، الذين يزعمون فقدان هواتفهم أو تعرضهم لمشكلة طارئة. وفقًا للتحليلات الأمنية، فقد أدت هذه الطريقة إلى خسارة ملايين الجنيهات منذ مطلع عام 2025، حيث يتمكن المحتالون من بناء سيناريوهات مقنعة تجبر الضحايا على تحويل الأموال على الفور.
يستخدم المحتالون تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنشاء رسائل صوتية تقلد دقيقة لأصوات أفراد العائلة، مما يجعل الاحتيال أكثر واقعية وصعوبة في الكشف عنه. على سبيل المثال، قد يتم نسخ صوت طفل من مقاطع فيديو متوفرة على وسائل التواصل الاجتماعي ثم استخدامها في مكالمات هاتفية أو رسائل صوتية لإقناع الوالدين بأن ابنهم في ورطة مالية. هذا النهج ليس محصورًا فقط بتقليد الأطفال، بل قد يشمل أيضًا أفرادًا آخرين من العائلة أو حتى أصدقاء مقربين، بناءً على معلومات عامة يجمعها المحتالون من الإنترنت.
أساليب النصب عبر الإنترنت
في هذا السياق، يبرز دور الذكاء الاصطناعي كأداة رئيسية في تعزيز فعالية هذه الخدع، حيث يمكن للمحتالين إنتاج محتوى صوتي يبدو طبيعيًا تمامًا. دراسات حديثة أكدت أن عمليات الاحتيال التي تستهدف الأبناء تكون الأكثر نجاحًا، تليها تلك المرتبطة بالبنات أو الآباء، بسبب العلاقات العاطفية القوية التي تجعل الضحايا أكثر عرضة للاستجابة السريعة. عادةً، يبدأ المحتال بإرسال رسالة من رقم غير معروف، يدعي فيها أنه يستخدم هاتف شخص آخر بسبب فقدان هاتفه الشخصي، ثم ينتقل إلى مناقشة تفاصيل يبدو أنها خاصة لكسب الثقة.
بمجرد أن يشعر المحتال بالسيطرة على الموقف، ينتقل إلى الطلب المباشر للمساعدة المالية، محتجًا بأن حسابه المصرفي معطل أو غير متاح، ويطلب تحويل الأموال إلى حساب آخر. هذا الضغط النفسي يجعل الضحية يتصرف دون تفكير، خاصة إذا تم دمج الطلب مع رسائل صوتية مقنعة. الخطر يكمن في سرعة تنفيذ هذه العمليات، حيث يمكن للمحتالين الوصول إلى معلومات شخصية من خلال منصات التواصل الاجتماعي، مما يزيد من دقة الاحتيال ويقلل من فرص اكتشافه.
للوقاية من هذه الخدع، يُنصح بتجنب الرد على الرسائل من أرقام غير معروفة، وتحقق من هوية المرسل من خلال قنوات موثوقة، مثل المكالمات المباشرة أو الاتصال بأفراد العائلة عبر وسائل آمنة. كما أن استخدام برامج مكافحة الفيروسات والتوعية بمخاطر الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في الحد من انتشار هذه الممارسات. في النهاية، يظل الوعي هو الدرع الأفضل ضد هذه الأساليب المتطورة، التي تهدد أمن الأسر وتستغل التكنولوجيا لأغراض غير أخلاقية. بالرغم من التقدم التكنولوجي، فإن الحاجة إلى التعليم والتحقق المستمر أصبحت أكثر أهمية للحفاظ على السلامة المالية. هذه الخدع ليست مجرد جرائم رقمية، بل تمثل تهديدًا للثقة في العلاقات الاجتماعية نفسها، مما يفرض على المجتمعات تعزيز آليات الدفاع ضد الاحتيال الإلكتروني.
تعليقات