أودعت أسرة الفنان الراحل نعيم عيسى جثمانه في مقابر المنارة بمنطقة باب شرقي في الإسكندرية، حيث شيعته جموع من الأهل والأصدقاء في لحظة وداع مؤثرة، عقب صلاة الجنازة بمسجد المنارة. كان هذا الحدث يعكس التقدير العميق لإرث هذا الفنان الذي ترك بصمته في عالم الفن المصري عبر عقود من الإبداع. منذ أيام قليلة، كان الجميع يتابعون حالته الصحية بقلق، حيث كشفت ابنته سوزي عن تفاصيل معاناته مع الالتهاب الرئوي الشديد الذي أدى إلى دخوله العناية المركزة في أحد المستشفيات.
شاهد تشييع جثمان الفنان نعيم عيسى إلى مقابر المنارة بالإسكندرية
في تلك اللحظات الأخيرة، حملت النسوة والرجال جثمان الفنان نعيم عيسى نحو مقبرة العائلة، محملين إياه بالدعوات والذكريات. كانت ابنته سوزي قد شاركت في أحاديث سابقة حول تدهور حالته الصحية؛ حيث أصيب بإلتهاب رئوي خطير جعله يعتمد على جهاز التنفس الصناعي، وأدى إلى إجراء عملية شق في الحنجرة لتسهيل التنفس. قالت إن والدها كان يحاول التحدث معهم، لكنهم لم يتمكنوا من فهم كلماته بسبب فقدان الصوت الناتج عن الإجراء الطبي. وفقاً لما أفادت به، أكد الأطباء أن هذا التدخل الجراحي قد يؤثر على الأحبال الصوتية، مما يجعل أي عودة للتنفس الطبيعي تتطلب دعماً إضافياً، ويظل الصوت ضعيفاً. ومع ذلك، لم يفقد الأهل الأمل، حيث كانت دعواتهم لشفائه مستمرة حتى اللحظات الأخيرة. يُذكر أن نعيم عيسى، الذي وُلِد في يناير عام 1937، كان رمزاً للثبات والإصرار، فقد بدأ مسيرته الفنية في فرقة مدبولي وفرقة الإسكندرية، مما مهد الطريق له للمشاركة في مسرحيات شهيرة مثل “الزمبليطة في الصالون” و”ناس كده وكده” و”ريا وسكينة” و”الواد سيد الشغال”. ثم امتدت مسيرته إلى السينما والتليفزيون، حيث لمع نجمه في أفلام مثل “المتسول” و”مين فينا الحرامي” و”الباشا تلميذ”، مما جعله شخصية محببة لدى الجمهور على مدى عقود.
تشيع جثمان الفنان نعيم عيسي من محافظة الإسكندرية
في محافظة الإسكندرية، التي شهدت بداياته وأواخر حياته، أصبح تشييع نعيم عيسى حدثاً يجسد تراث المدينة الغني بالفنون. كان الجميع يتذكرون كيف ساهم الفنان في تعزيز هوية الإسكندرية الثقافية من خلال أدواره التي تناولت قضايا اجتماعية وعائلية بعمق. على مدار حياته المهنية، تجاوزت أعماله حدود المسرح لتشمل الشاشة الفضية، حيث أظهر موهبة فريدة في تجسيد الشخصيات الشعبية التي ترسم صورة واضحة للواقع المصري. لم يكن نعيم عيسى مجرد ممثل، بل كان قصة حياة تعكس التحديات التي واجهها العديد من أبناء جيله، من الصعوبات الصحية إلى الإنجازات الفنية. في هذا السياق، يبقى تركيزه على الفن الجاد والقابل للعيش في ذاكرة الجمهور، حيث شارك في أكثر من عمل فني أثرى الساحة الثقافية. كما أن مسيرته تذكرنا بأهمية الالتزام بالفن رغم الظروف، فهو الذي استمر في العطاء حتى سن متقدمة، مما يجعل من تشييعه ليس مجرد وداع، بل تكريماً لجهوده. في الإسكندرية، حيث بدأت رحلته، يستمر إرثه في إلهام الأجيال الجديدة، سواء من خلال أعماله المسرحية أو الأفلام التي لا تزال تُعرض وتُحتفل بها. هذا الحدث لم يكن فقط ختاماً لحياة فنية غنية، بل كان فرصة لإعادة التفكير في دور الفنانين في مجتمعاتهم، خاصة في مدن مثل الإسكندرية التي تختزن تاريخاً ثقافياً حياً. بهذا الشكل، يظل نعيم عيسى رمزاً للإبداع والصمود، مما يجعل ذكراه خالدة في قلوب محبيه.
تعليقات