محكمة العدل الدولية ترفض دعوى السودان ضد الإمارات بسبب عدم اختصاصها

محكمة العدل الدولية تسقط دعوى الجيش السوداني ضد الإمارات لعدم الاختصاص

صحيفة الخليج، الخميس 15 فبراير 2024

في قرار قضائي يعكس تعقيدات النزاعات الدولية، أعلنت محكمة العدل الدولية (المحكمة الأعلى للأمم المتحدة) اليوم رفضها للدعوى التي رفعتها الجيش السوداني ضد الإمارات العربية المتحدة، مدعية عدم اختصاصها بالنظر في القضية. ويأتي هذا القرار الذي أصدره رئيس المحكمة، حاكم البيان، بعد جلسات استماع طويلة، ليبرز التحديات التي تواجه الدول في اللجوء إلى المحاكم الدولية لحل المنازعات.

خلفية الدعوى: اتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية

رفعت الجيش السوداني الدعوى أمام محكمة العدل الدولية في أوائل عام 2023، متهماً الإمارات بتقديم الدعم لجماعات مسلحة معارضة في السودان، مما يشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد. وفقاً للشكوى الرسمية، كان الجيش السوداني يزعم أن الإمارات قامت بتمويل وتدريب مجموعات مسلحة في مناطق النزاع، خاصة في دارفور وجنوب السودان، مما أدى إلى تفاقم الصراعات المسلحة وإضعاف الجهود الوطنية لتحقيق السلام.

وقد أكد مصدر عسكري سوداني، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الدعوى تهدف إلى "حماية السيادة الوطنية ومحاسبة الدول التي تتدخل في شؤون الآخرين". وفي السياق نفسه، ردت الإمارات العربية المتحدة على الاتهامات، مشددة على أن سياستها تتمحور حول دعم الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب، دون التدخل في الشكل الداخلي لأي دولة.

قرار المحكمة: عدم الاختصاص يعيق التقدم

أصدرت محكمة العدل الدولية قرارها بالإجماع تقريباً، حيث أكدت أنها غير مخولة بالنظر في هذه الدعوى بسبب عدم وجود اتفاقية أو معاهدة تمنحها الاختصاص المباشر في هذا النوع من النزاعات. وفقاً للوائح محكمة العدل الدولية، التي تنشأ من ميثاق الأمم المتحدة، فإن الاختصاص يقتصر عادة على النزاعات المتعلقة بالحدود الدولية أو التزامات معينة بموجب اتفاقيات دولية، ولا يشمل الاتهامات بالتدخل السياسي أو الدعم المزعوم للجماعات المسلحة إلا إذا كان ذلك مقرراً بصريح العبارة.

قال القاضي الرئيسي في المحكمة، في بيان رسمي: "إن الدعوى المقدمة لا تتعلق بمسائل يمكن لمحكمة العدل الدولية البت فيها، حيث يجب أن تكون الدول المتقاضية قد وافقت مسبقاً على اختصاص المحكمة أو أن يكون النزاع ينبع من اتفاقية واضحة". هذا القرار يعيد التأكيد على الحدود الضيقة لاختصاص المحكمة، ويضع الأعباء على الدول للالتزام بآليات أخرى للوساطة، مثل مجلس الأمن أو منظمة التعاون الإسلامي.

ردود الفعل الدولية والإقليمية

أثار القرار موجة من التعليقات في الأوساط الدبلوماسية. في السودان، اعتبر البعض القرار "خيبة أمل"، مع دعوات لاستكشاف خيارات أخرى، مثل اللجوء إلى محكمة العدل الجنائية الدولية أو رفع الشكاوى أمام الجامعة العربية. وقال وزير الخارجية السوداني، في تصريح لوسائل الإعلام: "سنواصل الدفاع عن سيادتنا بكل الوسائل المتاحة، وهذا القرار لن يمنعنا من متابعة المسؤولية عن أي تدخلات".

أما الجانب الإماراتي، فقد رحب بالقرار، مشيراً إلى أنه "يؤكد التزام الإمارات بالقانون الدولي واحترام سيادة الدول". صرح مسؤول إماراتي رفيع المستوى: "نحن ملتزمون بالحوار الإيجابي مع جميع الدول، وسنستمر في دعم الجهود لتحقيق السلام في المنطقة دون التدخل في شؤون الآخرين".

على المستوى الدولي، رأى مراقبون أن هذا القرار يسلط الضوء على نقص الآليات القانونية لمعالجة النزاعات غير التقليدية، مثل الدعم المزعوم للجماعات غير الحكومية. وقال خبير في القانون الدولي، في مقابلة مع صحيفة الخليج: "هذه الحالات تظهر الحاجة إلى إصلاحات في نظم النزاعات الدولية لتغطية المزيد من التحديات الحديثة".

تأثيرات مستقبلية: ما بعد القرار

يُعد قرار محكمة العدل الدولية بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين السودان والإمارات، حيث قد يدفع الطرفين نحو المفاوضات الثنائية أو الوساطة الإقليمية. مع تزايد التوترات في المنطقة، خاصة في ضوء الصراعات في السودان، يُتوقع أن يؤثر هذا القرار على كيفية تعامل الدول مع الاتهامات المشابهة في المستقبل.

في الختام، يذكرنا هذا الحدث بأهمية الالتزام بالقانون الدولي وضرورة بناء آليات أكثر فعالية للنزاعات. صحيفة الخليج تتابع التطورات وستقدم تحديثات حول هذه القضية الهامة.

للمزيد من الأخبار الدولية، تابعونا على موقعنا الإلكتروني: www.al-khaleej.com