قالت سلطنة عمان، التي ترعى المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، إن الجولة الرابعة من هذه المحادثات، والتي كانت مقررة في روما يوم السبت الماضي، تم تعليقها بسبب مشكلات تقنية ولوجستية. في هذا السياق، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده لن تتأثر سلباً إذا وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، مشدداً على أن إيران لم تربط مستقبلها أو أمنها الإقليمي بنتائج هذه الحوارات. وأضاف في مقابلة نشرتها صحيفة طهران تايمز، أن السابقين كانوا يخشون من عواقب عدم الوصول إلى اتفاق، لكنه أكد أن طهران تتابع برامجها الخاصة دون الارتباط بمخرجات المفاوضات، مع التأكيد على أنها غير منخرطة من موقف ضعف.
مفاوضات إيران وأمريكا: تحديات وتطورات
في الوقت نفسه، أوضح عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمد مهدي شهرياري، أن التأجيل المفاجئ للجولة الرابعة قد يكون مرتبطاً بتحركات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يعكس التعقيدات المحيطة بالملف النووي. وتأتي هذه التطورات في ظل جولات سابقة أجريت في مسقط اعتباراً من 12 أبريل الماضي، حيث وصفت الوفود الأمريكية والإيرانية الاجتماعات بأنها إيجابية، بما في ذلك الجولة التي عقدت في روما. ومع ذلك، فإن تعليق الجولة الأخيرة يأتي وسط أجواء من الغموض، خاصة مع تلويح الإدارة الأمريكية برئيسها دونالد ترمب بفرض عقوبات إضافية على إيران، مما يعزز التوترات بين الجانبين.
الحوارات النووية والتحديات الإقليمية
من جانبها، أكدت الولايات المتحدة من خلال تصريحات وزير الخارجية ماركو روبيو أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يشمل التخلي الإيراني عن تخصيب اليورانيوم، وتطوير الصواريخ بعيدة المدى، بالإضافة إلى وقف دعم الجماعات الموصوفة أمريكياً بالإرهابية، مثل الحوثيين في اليمن. وشدد روبيو على ضرورة مشاركة أمريكية في عمليات التفتيش على جميع المنشآت النووية الإيرانية، بما في ذلك المواقع العسكرية. وفي الرد عليها، كرر وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي أن المفاوضات لن تتعدى ملف البرنامج النووي ورفع العقوبات الأمريكية، دون الخوض في قضايا الصواريخ أو الشؤون الإقليمية الأخرى. هذا التباين في الأجندات يعكس عمق الخلافات، حيث ترى إيران أن أي اتفاق يجب أن يركز على إزالة الحواجز الاقتصادية الناتجة عن العقوبات، في حين تطالب الولايات المتحدة بتوسيع النطاق ليشمل جوانب أمنية إقليمية.
وفي هذا السياق، يبدو أن المفاوضات تتواصل رغم التحديات، مع استمرار الضغوط الدولية للوصول إلى تسوية تمنع تصعيداً إقليمياً. على سبيل المثال، أكدت مصادر إيرانية أن بلادها لن تتراجع عن حقوقها الشرعية في الطاقة النووية السلمية، مشددة على أن أي تقدم يتطلب حسن النية من جميع الأطراف. من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن التأجيلات قد تكون فرصة لإعادة تقييم المواقف، خاصة مع تزايد المخاوف من اندلاع نزاعات إقليمية أوسع، مثل التوترات في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن إصرار إيران على عدم الارتباط بنجاح المفاوضات يعني أنها مستعدة لمواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية دون التنازل عن أهدافها الاستراتيجية. هذا الواقع يضع العالم أمام تحديات كبيرة في سبيل الحفاظ على الاستقرار، حيث تتداخل القضايا النووية مع الديناميكيات الإقليمية، مما يجعل من الضروري مواصلة الحوار لتجنب المواجهات المحتملة.
في الختام، تبقى المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة نموذجاً للنزاعات الدولية المعقدة، حيث يتداخل الجانب السياسي مع الاقتصادي والأمني. ومع استمرار الجدل حول شروط الاتفاق، يتردد صدى تصريحات الرئيس بزشكيان كدليل على عزم طهران على السير قدماً بغض النظر عن نتائج الحوار، مما يعكس صلابة موقفها في مواجهة الضغوط الخارجية. وفي ظل هذه التطورات، يظل الأمل معلقاً في إيجاد حلول تعزز السلام الإقليمي، مع الاعتراف بأن الطريق إلى الاتفاق مليء بالتحديات.
تعليقات