عقب تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، والتي كانت مقررة في روما، بسبب مشكلات تقنية ولوجستية حسب ما أعلنته سلطنة عمان، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن مستقبل بلاده لن يعتمد على نتائج هذه المحادثات. في مقابلة نشرتها صحيفة طهران تايمز، شدد بزشكيان على أن إيران لن ترتبط بطريق مسدود إذا فشلت المفاوضات، مشيرا إلى أن البلاد كانت في السابق تخشى من عواقب عدم الوصول إلى اتفاق، لكنهم الآن يتابعون أعمالهم دون ربطها بهذه الحوارات. وأكد أن طهران تتفاوض من موقف قوي، دون الارتباط بتلك المناقشات كعامل حاسم.
المفاوضات الإيرانية الأمريكية
وفي السياق نفسه، أوضح عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمد مهدي شهرياري، أن التأجيل جاء نتيجة لتحركات محتملة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتذكر أن الجولتين السابقتين عقدتا في مسقط العاصمة العمانية منذ أبريل الماضي، فيما كانت الجولة الثالثة في روما وسط أجواء إيجابية كما أكد الوفدان الأمريكي والإيراني. ومع ذلك، فقد غطى الغموض الأسباب الحقيقية لتعليق الجولة الرابعة، خاصة مع تزامنها مع تصريحات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن فرض عقوبات إضافية على إيران. هذا التطور يعكس التوترات الدبلوماسية المستمرة، حيث يصر الجانب الأمريكي على مطالب صارمة تشمل التخلي عن تخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ بعيدة المدى، بالإضافة إلى وقف دعم إيران للجماعات التي تصفها واشنطن بالإرهابية، مثل الحوثيين في اليمن. وفي مقابلة تلفزيونية، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ضرورة السماح للولايات المتحدة بالمشاركة في عمليات التفتيش على جميع المنشآت النووية الإيرانية، بما في ذلك المواقع العسكرية.
الحوار النووي
من جانب إيران، يصر الوزير الخارجي عباس عراقجي على أن المفاوضات تركز بشكل أساسي على ملف البرنامج النووي ورفع العقوبات الأمريكية، دون التطرق إلى برنامج الصواريخ الإيراني. هذا النهج يعكس موقف طهران الثابت تجاه هذه القضايا، حيث يرى مسؤولوها أن الحوار يجب أن يبقى محصوراً في النووي لتحقيق تقدم حقيقي. ومع تكرار هذه التصريحات من قبل عراقجي خلال الأيام الأخيرة، يبرز التباين الواضح بين الطرفين، حيث ترفض إيران أي تدخل في شؤونها الأمنية الداخلية أو الإقليمية كشرط للعملية التفاوضية. هذا الاستعصاء يعزز من الشكوك حول مدى نجاح المفاوضات، خاصة أن أي اتفاق محتمل يتطلب تنازلات متبادلة تتجاوز الخلافات التاريخية. في الواقع، يمثل هذا الحوار جزءاً من جهود دولية أوسع لتجنب تصعيد التوترات، إذ أن الفشل قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية وسياسية على مستوى المنطقة، بما في ذلك تأثير على الأسواق العالمية والعلاقات الدولية. وبينما يستمر الجانب الإيراني في التأكيد على سيادته، فإن الولايات المتحدة تؤكد على الحاجة إلى مراقبة كاملة لضمان عدم انتشار الأسلحة النووية. هذه الديناميكيات تجعل المفاوضات تحدياً كبيراً، لكنها تشكل فرصة لإعادة بناء الثقة بين الطرفين، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية على إيران من جراء العقوبات الحالية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو التوفيق بين المصالح الوطنية لكل دولة والضرورات الدولية للسلام والأمان. في نهاية المطاف، يتطلب الأمر من الطرفين العمل نحو حل وسطي يعزز الاستقرار الإقليمي ويمنع أي اشتباكات مستقبلية، مما يؤكد أهمية مواصلة الحوار رغم التحديات.
تعليقات