كشف خبراء في مجال فسيولوجيا الجهد البدني، بقيادة البروفيسور محمد الأحمدي، عن عدم وجود أي أساس علمي للادعاءات الشائعة التي تربط استخدام الزير بتحسين خصائص الماء أو تحويله إلى ما يُسمى “ماء حي”. هذه الروايات الشائعة تنتشر عبر المنصات الاجتماعية والتراث الشعبي، لكنها تفتقر إلى الدليل العلمي الموثوق، مما يدفعنا إلى إعادة النظر في المعتقدات التقليدية مقابل الاكتشافات الحديثة.
الزير وأساطير تحسين خصائص الماء
في الأساس، يُعزى هذا الجدل إلى الدكتور محمد الأحمدي، الذي أكد خلال مقابلته مع وسائل إعلامية رئيسية أن لا يوجد أي بحث علمي موثوق يدعم فكرة أن الماء المخزن في الزير يصبح أكثر فائدة صحية. يشرح الأحمدي أن الفخار كمادة طبيعية قد يبدو جذابًا بسبب خصائصه الطبيعية مثل امتصاص الرطوبة، لكنه لا يغير تركيبة الماء على المستوى الجزيئي ليجعله “ماء حيًا” كما يُزعم. هذا التصريح يعتمد على تقييم واسع للأدلة العلمية، حيث أوضح أن الأبحاث المعتمدة من قبل المؤسسات العلمية الدولية، مثل منظمات الصحة العالمية، تفتقر إلى أي إشارة إلى فوائد خاصة بالزير في هذا السياق. بالإضافة إلى ذلك، يحذر الدكتور من مخاطر الاعتماد على مثل هذه الادعاءات غير المؤكدة، خاصة في عصرنا الحالي حيث يسود انتشار المعلومات غير الدقيقة، مما قد يؤدي إلى سوء فهم للصحة العامة.
من المهم أن نعترف أن هذه المزاعم تنبع أحيانًا من التقاليد الثقافية، حيث كان الزير جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية في العديد من المناطق، يُستخدم لتبريد الماء بشكل طبيعي دون الحاجة إلى التبريد الكهربائي. ومع ذلك، يؤكد الأحمدي أن هذه الفوائد العملية لا تترجم إلى تغييرات كيميائية أو بيولوجية ترفع من قيمة الماء صحيًا. في الواقع، قد يؤدي تخزين الماء في أوعية فخارية إلى زيادة خطر التلوث البكتيري إذا لم يتم تنظيفها بشكل صحيح، مما يجعلها غير آمنة في بعض الحالات، وهو ما يتطابق مع توصيات وزارات الصحة العالمية حول تخزين المياه بطرق آمنة.
بالنسبة للأشخاص الذين يعتمدون على الزير كرمز ثقافي، يطرح الأحمدي تساؤلًا منطقيًا: هل يمكننا تجاهل الدراسات العلمية المدعومة بالأدلة الدقيقة، مثل تلك المنشورة في المجلات الطبية المحكمة، لنتبنى آراء غير مدعومة من أفراد يروجون لمنتجاتهم؟ هذا التساؤل يدفعنا إلى التفكير في كيفية توازن بين التراث والعلم، حيث يجب أن تكون القرارات الصحية مبنية على بيانات موثوقة لا على أساطير متوارثة. في النهاية، يدعو الأحمدي إلى زيادة الوعي بالمعرفة العلمية، مشددًا على أهمية الاعتماد على الدراسات الرسمية لضمان صحة المجتمع.
الوعاء الفخاري وأوهام الماء الحي
عند الغوص في تفاصيل هذا الموضوع، يتبين أن مصطلح “ماء حي” نفسه غامض وغير محدد علميًا. غالبًا ما يُستخدم هذا التعبير في سياقات بديلة أو شعبية لوصف الماء الذي يُزعم أنه يحتوي على طاقة حيوية أو خصائص علاجية، لكن الدراسات الحديثة في علم الكيمياء والفيزياء تثبت أن هذه الفكرة ليس لها أساس. على سبيل المثال، يشير بحث في مجال فيزياء المواد إلى أن الماء يحتفظ بتركيبته الأساسية بغض النظر عن الوعاء الذي يُخزن فيه، طالما أن الظروف الصحية محافظ عليها. هذا يعني أن الوعاء الفخاري، رغم كونه صديقًا للبيئة ومتينًا، لا يضيف أي قيمة إضافية من حيث الخصائص البيولوجية.
في السياق العام، يمكن أن يؤدي الاعتقاد بخصائص خارقة للزير إلى مشكلات أكبر، مثل تجاهل طرق تطهير الماء الحديثة مثل الترشيح أو التعقيم، والتي تمثل الطرق الأكثر أمانًا والمدعومة علميًا. كما أن الأبحاث في علم التغذية تؤكد أن تناول الماء النقي، سواء كان من مصادر طبيعية أو معالجة، هو الأساسي للصحة دون الحاجة إلى أي تعديلات تقليدية. لذا، يؤكد الخبراء على ضرورة تعزيز التعليم حول هذه المواضيع لتجنب الانتشار غير السليم للمعلومات، مما يساعد في بناء مجتمعات أكثر وعيًا وصحة. في الختام، يظل التركيز على العلم والأدلة هو السبيل الأمثل لتحقيق التوازن بين التراث والصحة الحقيقية.

تعليقات