احتجزت السلطات السورية الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، طلال ناجي، في العاصمة دمشق، وفقاً لتقارير رسمية وشهادات قياديين داخل المنظمة. وقد حصل هذا الاعتقال بعد أن توجه ناجي لمقابلة إحدى الجهات الأمنية بناءً على دعوة من السلطات، مما أثار استغرابًا واسعًا بين صفوف الجبهة، حيث لم يكن متوقعًا أن يؤدي هذا الاجتماع إلى احتجازه. هذه التطورات تأتي في ظل تصعيد الضغوط على الجبهة، التي كانت تتمتع بقربى تاريخية من النظام السوري، لكنها الآن تواجه قيودًا شديدة على أنشطتها.
اعتقال طلال ناجي وتداعياته السياسية
في تفاصيل الحادث، أكد قياديون في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة أنهم تفاجئوا بالاعتقال، الذي جاء بعد أن ذهب ناجي لمقابلة إحدى الفرع الأمنية في دمشق استجابة لطلب رسمي. وفقًا للمصادر، مارست السلطات السورية ضغوطًا متزايدة على الجبهة مؤخرًا، تشمل منعها من ممارسة أنشطتها السياسية، مصادرة مكاتبها، وإيقاف أعمالها التجارية والاستثمارية. هذه الإجراءات تعكس تغيرات في السياسات السورية تجاه الجماعات الفلسطينية، خاصة بعد النزاعات الداخلية التي شهدتها البلاد. كما أن هذا الاعتقال يأتي في سياق محاولات الجبهة للحفاظ على توازناتها السياسية، حيث إن المنظمة كانت قد شاركت في القتال إلى جانب النظام السوري خلال السنوات الأولى من الصراع، مما يعزز من تعقيد العلاقات بين الطرفين.
بالإضافة إلى ذلك، نقلت وسائل إعلامية عن مصادر داخل الجبهة أن قادتها أجروا اتصالات عاجلة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادي في حركة حماس خالد مشعل، للطلب منهما التدخل لدى السلطات السورية من أجل الإفراج عن ناجي. هذا الاعتقال يثير أسئلة حول مستقبل العلاقات بين الفصائل الفلسطينية ودول المحيط، خاصة في ظل التحالفات السابقة التي ربطت بين الجبهة ونظام دمشق. يُذكر أن ناجي تولى منصبه كأمين عام في يوليو 2021، عقب وفاة مؤسس الجبهة أحمد جبريل، الذي أسسها عام 1968 بعد انشقاقه عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. جبريل، الذي كان يحمل الجنسية السورية، كان معروفًا بموقفه الداعم للنظام السوري منذ اندلاع النزاع في 2011، حيث شاركت قوات الجبهة في المعارك إلى جانب قوات الأسد، لا سيما في مخيم اليرموك لللاجئين الفلسطينيين ضد فصائل المعارضة.
توقيف القيادات الفلسطينية في سوريا
أما في سياق أوسع، فإن توقيف طلال ناجي يأتي بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إعلان “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، أن السلطات السورية اعتقلت اثنين من قادتها في دمشق. هذه التطورات تشير إلى سياسة متزايدة من قبل السلطات السورية تجاه الجماعات الفلسطينية، قد تكون مرتبطة بتغيرات جيوسياسية في المنطقة، مثل محاولات إعادة ترتيب العلاقات مع الأطراف الدولية والإقليمية. في الواقع، كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، التي تأسست كفرع مستقل، جزءًا من الصراعات الداخلية في سوريا، حيث شاركت في عمليات عسكرية دعمت النظام. ومع ذلك، فإن هذه الاعتقالات الأخيرة تفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى استمرارية هذه التحالفات، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية على القضية الفلسطينية. يُلاحظ أن مثل هذه الإجراءات قد تؤثر على الديناميكيات الداخلية للفصائل الفلسطينية، التي تحاول التوفيق بين مصالحها الوطنية والتحديات الإقليمية. في الختام، يبقى هذا الاعتقال حدثًا محوريًا يعكس تعقيدات السياسة في الشرق الأوسط، حيث يتداخل الصراعات المحلية مع التحالفات الدولية، مما يفرض على القيادات الفلسطينية إعادة تقييم استراتيجياتها للمحافظة على دورها في الساحة.
تعليقات