مهمة جونو، وهي إحدى المهم فيات الفضائية التابعة لوكالة ناسا، تركز على دراسة الظواهر الجوية والجيولوجية في نظام كوكب المشتري. تعمل هذه المهمة على مراقبة العواصف الضخمة في الغلاف الجوي للمشتري، بالإضافة إلى مراقبة النشاط البركاني على قمر آيو، مما يقدم رؤى قيمة حول ديناميكيات الكواكب العملاقة في المجموعة الشمسية.
مهمة جونو: استكشاف عواصف المشتري
كشفت مهمة جونو عن عالم مذهل من الأعاصير في القطب الشمالي لكوكب المشتري، حيث تتشكل مناطق من الضباب الستراتوسفيري الأكثر برودة. هذه الأعاصير تنجرف نحو القطب من خلال عملية تُعرف بـ”انجراف بيتا”، وهي ظاهرة تم اكتشافها بواسطة كاميرا جونو وجهاز رسم خرائط الشفق القطبي بالأشعة تحت الحمراء. يتفاوت حجم هذه الأعاصير، حيث يصل عرض الإعصار المركزي الكبير إلى أكثر من 1800 ميل، محاطًا بثمانية أعاصير أصغر تتفاعل معه. تتسم هذه الأنظمة الجوية بسرعات الرياح التي تتجاوز 160 كيلومترًا في الساعة، مما يجعلها أكثر ديناميكية من أي عواصف معروفة على الأرض. على عكس عواصف كوكب الأرض، فإن أعاصير المشتري لا تضعف بمرور الوقت عند القطبين، بفضل التركيب الجوي الفريد للكوكب، الذي يسمح لها بالانجراف في اتجاه عقارب الساعة حول القطب. يؤدي هذا التفاعل إلى استقرار نسبي بين الأعاصير، حيث تثبت بعضها البعض وتنتقل ببطء في نفس الاتجاه، مما يوفر للعلماء فرصة فريدة لدراسة ديناميكيات الغلاف الجوي العملاق.
اكتشافات جونو في أقمار المشتري
بالإضافة إلى دراسة عواصف المشتري، قامت مهمة جونو بإجراء تحليقات متكررة قرب قمر آيو، الذي يُعتبر الأقرب إلى الكوكب، مما كشف عن أدلة دامغة على تدفقات الصهارة الجوفية تحت سطحه. هذه التدفقات، التي يُقدر أنها تشكل حوالي 10% من الباطن الداخلي للقمر، تلعب دورًا حاسمًا في تفسير كيفية ثوران البراكين على آيو. من خلال جمع بيانات الأشعة تحت الحمراء والموجات الدقيقة، تمكن العلماء من رصد حمم بركانية دافئة ناتجة عن ثوران كبير حدث في 27 ديسمبر 2024، والذي بقي نشطًا حتى مرور جونو التالي في مارس، مع توقعات بثورانه مرة أخرى في مايو. هذه الاكتشافات تشير إلى أن سطح آيو يتجدد باستمرار، حيث تساعد تدفقات الحمم على نقل الحرارة من الباطن إلى السطح، مما يجعلها أحد أكثر الأقمار نشاطًا بركانيًا في المجموعة الشمسية.
في الختام، تُعد مهمة جونو دليلًا على تقدم العلم في فهم الكون، حيث تكشف عن تفاصيل مذهلة حول عواصف المشتري وديناميكيات أقماره. من خلال مراقبة هذه الظواهر، يتمكن الباحثون من استكشاف كيفية تشكيل الكواكب والأقمار، مما يعزز معرفتنا بعمليات الغلاف الجوي والجيولوجي على نطاق كوني أوسع. هذه الاكتشافات ليس فقط تعزز فهمنا للمشتري ككوكب عملاق، بل توفر أيضًا أساسًا لدراسات مستقبلية حول تطور الكواكب في أنظمة شمسية أخرى.
تعليقات