يتزايد القلق في الولايات المتحدة الأمريكية حيال التحولات الاقتصادية العالمية، مع تزايد حالة عدم اليقين الناتجة عن ارتفاع التضخم والتوترات التجارية والجيوسياسية، بما في ذلك أزمة كورونا. يحافظ الاقتصاد الأمريكي، الذي يبلغ حجمه حوالي 27 تريليون دولار، على مركزه كأكبر اقتصاد عالمي، بينما ينمو الاقتصاد الصيني، البالغ حجمه 18 تريليون دولار، كقوة متزايدة. هذه التطورات تؤشر إلى تغييرات قد تؤثر على هيمنة الدولار كعملة رئيسية في التعاملات الدولية.
كيف يؤثر اليوان الرقمي على نظام SWIFT ومستقبل الدولار؟
في ظل هذه التحولات، أجرت مقابلات مع صناع القرار في الولايات المتحدة ومنصات دولية، كشفت عن تحول كبير في النظام المالي العالمي. يتفق معظم المتحدثين على أن الدولار يفقد تدريجيًا وزنه النسبي كعملة دولية، مع زيادة دور العملات الأخرى مثل اليورو واليوان. نظام SWIFT، الذي أطلق عام 1973 ويربط أكثر من 11 ألف بنك في 200 دولة، يتيح نقلًا سلسًا لأكثر من 40 مليون رسالة يوميًا وتداول تريليونات الدولارات. ومع ذلك، فإن تراجع مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس قيمته مقابل عملات رئيسية مثل اليورو والين الياباني، بنسبة 1.1% ليصل إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، يعكس هذا التحول.
دور العملات الرقمية في تشكيل النظام المالي العالمي
يتحول الوضع مع إصدار اليوان الرقمي من قبل بنك الشعب الصيني، كأول عملة رقمية من اقتصاد كبير، مما يفتح أبوابًا جديدة في عالم المعاملات المالية. هذا الخطوة تعزز توقعات الصين بزيادة التبادل التجاري بالعملات المحلية مع دول أخرى، وتقلل من الاعتماد على نظام SWIFT، مما يهدد بالضغط على الدولار. يأتي هذا في سياق تاريخي، حيث أصبح الدولار أبرز العملات العالمية بعد الحرب العالمية الثانية في عام 1945، متجاوزًا دوره كعملة احتياطي تمثل 88% من تعاملات النقد الأجنبي و55% من احتياطيات العملات العالمية.
يُحدد سعر الدولار في سوق الصرف الحر بناءً على آليات العرض والطلب، حيث يعتمد على حجم الاحتياطيات الداخلية للبنوك والتنازلات من العملاء. في كل بنك، تقوم غرفة المعاملات الدولية بإدارة أسعار العملات الأجنبية، مع تحديث شاشات مخصصة دوريًا بناءً على مستويات السيولة والطلب. هذا الديناميكية تجعل الدولار عرضة للتقلبات، خاصة مع صعود عملات رقمية مثل اليوان، التي قد تشكل تحديًا للهيمنة التقليدية.
في الختام، يمثل اليوان الرقمي نقلة نوعية قد تعيد تشكيل النظام المالي العالمي، مما يدفع الدول إلى استكشاف خيارات أخرى للتعاملات الدولية. مع استمرار نمو الاقتصادات الناشئة والتقدم التكنولوجي، من المتوقع أن يشهد الدولار تراجعًا نسبيًا، مما يعزز تنوع العملات ويقلل من الاعتماد الشديد على نظام SWIFT. هذا التحول ليس مجرد تغيير فني، بل يعكس توازنات قوى جديدة في الاقتصاد العالمي، حيث تبرز الصين كمنافس رئيسي. بشكل عام، يجب على الدول والمؤسسات المالية التكيف مع هذه التغييرات لضمان استدامة النظام المالي.
تعليقات