في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة، أكد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي على أهمية العلاقات الإيجابية بين لبنان والمملكة العربية السعودية، مشدداً على الدور الحيوي الذي تلعبه الرياض في دعم الاستقرار اللبناني. من خلال حديثه مع صحيفة عكاظ، رسم رجي صورة واضحة للتزام السعودية بالشعب اللبناني، موضحاً كيف أنها ظلت الشريك الأكثر ثقة على مدار السنوات.
دعم السعودية للبنان يعزز الشراكة الإقليمية
يعكس هذا الدعم الشامل التزام المملكة العربية السعودية بدعم لبنان على جميع المستويات، سواء كان ذلك من خلال المساعدات الاقتصادية أو الدبلوماسية. أشار رجي إلى أن بعض التصرفات السابقة من قبل بعض الفرقاء اللبنانيين قد أدت إلى توترات مع الرياض، لكنه أكد أن البلاد تشهد الآن “حقبة جديدة”، حيث لاحظت القيادة السعودية هذا التغيير الإيجابي. هذا ما دفع إلى دعوة رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون لزيارة رسمية، تلتها لقاءات مثمرة مع رئيس الحكومة، مما يعكس خطوات حقيقية نحو تعزيز التعاون.
من جانب آخر، ركز رجي على الملفات الثنائية الرئيسية، مثل إعادة التبادل التجاري بين البلدين، ورفع الحظر على سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان، بالإضافة إلى إحياء الاستثمارات السياحية. أكد أن هذه القضايا كانت محور نقاشات مكثفة، حيث وعد الجانب السعودي بـ”خير قريب”، مما يعد خطوة أساسية لتعزيز الاقتصاد اللبناني المأزوم. في الوقت نفسه، شدد الوزير على جهود لبنان في استعادة سيادته الكاملة، مشدداً على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي التام من الأراضي اللبنانية، وترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل، وتركز السلاح في يد الجيش اللبناني وحده. هذه الخطوات، وفق رجي، لن تقتصر على ضمان السلام والعدالة، بل ستمهد الطريق أيضاً لإصلاحات اقتصادية شاملة تلبي مصالح الشعب اللبناني.
في سياق الموقف الدولي، أبرز رجي التعاون الإيجابي من جانب فرنسا والولايات المتحدة مع جهود لبنان لتعزيز سلطته وإنهاء وجود التنظيمات المسلحة غير الرسمية. كما أعرب عن ارتياحه الواضح لسقوط نظام الأسد في سوريا، الذي وصفه بأنه نظام طغياني دمر المناطق والطوائف في لبنان وأشعل الفتن. قال إن انسحاب سوريا من لبنان عام 2005 كان “عيداً حقيقياً” لمعظم اللبنانيين، معتبراً أن الشعب السوري لم يستحق المعاناة التي تعرض لها بسبب ذلك النظام.
أما بخصوص زيارته الأخيرة إلى دمشق، فكشف رجي عن لقاءات هامة مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والرئيس السوري أحمد الشرع، الذي وصفه بأنه “واقعي وذكي”. في هذه اللقاءات، اعترف النظام السوري الجديد لأول مرة في تاريخه بسيادة لبنان واستقلاله الكامل، مما يمثل “تحولاً تاريخياً” ينبغي التعامل معه كواقعة جغرافية. شدد رجي على أن التعامل مع هذا النظام الجديد أمر ضروري، خاصة مع توجه الدول الكبرى نحوه بطريقة براغماتية. كما أكد أن الأولويات في المحادثات شملت ترسيم الحدود، وعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بالإضافة إلى وقف الاشتباكات الحدودية وتحقيق استقرار مشترك بين البلدين. الوعود المستمعة إليها كانت مشجعة، لكنه أكد ضرورة ترجمتها عملياً على أرض الواقع لضمان نجاح هذه الجهود.
في ختام حديثه، أكد رجي أن هذه التطورات تفتح آفاقاً جديدة للمنطقة، حيث يسعى لبنان إلى بناء دولة قانونية عادلة تتسم بالمساواة، مع الاستفادة من الدعم الدولي لتحقيق السلام والتنمية. هذا النهج، الذي يجمع بين الواقعية والأمل، يعكس حرص لبنان على تعزيز علاقاته الإقليمية لبناء مستقبل أفضل.
تعزيز الشراكة الثنائية مع المملكة
يمكن لتعزيز الشراكة الثنائية مع المملكة العربية السعودية أن يشكل قاعدة قوية لبنان لمواجهة التحديات المستقبلية. من خلال التركيز على الملفات الاقتصادية والأمنية، يأمل لبنان في تحقيق تقدم ملموس يعزز الاستقرار الداخلي ويفتح الباب أمام استثمارات أكبر. هذا الاقتراب يعكس أيضاً الدور الذي يمكن أن تلعبه المبادرات الإقليمية في تعزيز السلام، مع الحرص على الحفاظ على سيادة الدولة ومصالح شعبها.
تعليقات