ذكرت صحيفة هآرتس أن الكيان الصهيوني سيكون تحتفل، في الخميس الأول من مايو/أيار 2025، بالذكرى الـ77 لتأسيسها، المعروفة بـ”عيد الاستقلال”. ومع ذلك، تشير الصحيفة إلى أن الاحتفالات هذا العام تُغلبها ظلال قاتمة بسبب استمرار الحرب على قطاع غزة، حيث تحتجز حركة حماس العديد من الأسرى الإسرائيليين. وفقاً للتقارير، يُحتجز حالياً 59 أسيراً، من بينهم 21 على قيد الحياة كما تشير التقديرات. يُعتبر هذا العيد الثاني على التوالي الذي تجري فيه إسرائيل الحرب، مما يعكس تأثيراً سلبياً على جو الاحتفالات.
إسرائيل وأزمة الاحتفالات المهددة
تؤكد الصحيفة في افتتاحيتها أن الحقيقة المرة تكمن في أن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بنيامين نتنياهو، تعتبر بقاءها في السلطة أولوية أعلى من إنقاذ الأرواح المختطفة. هذا الرفض لدفع ثمن الإخفاقات السابقة، التي حدثت تحت أنظارها، يُشكل وصمة عار على كل عضو في الائتلاف الحاكم، خاصة القائد نفسه. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر التخلي عن هؤلاء الأسرى بشكل كبير على جو الاحتفالات، حيث ينال من الثقة في الدولة كملاذ آمن لليهود. وفقاً للصحيفة، فقد ضل الإسرائيليون طريقهم، ويظهر ذلك في استمرار الحرب على غزة، التي أصبحت في الواقع تستهدف جميع سكان القطاع دون تمييز.
الدولة وسط التحديات الداخلية
أما فيما يتعلق بالوضع الداخلي، فإن الصحيفة ترى أن إسرائيل باتت دولة غير قادرة على التمييز بين المقاتلين والمدنيين، أو بين الحرب العادلة وجرائم الحرب. هذا الفقدان للبوصلة الأخلاقية يجعل الخطر الداخلي لا يقل عن التهديدات الخارجية. على سبيل المثال، قام نتنياهو مؤخراً بتعزيز هجماته على مؤسسات الدولة، مثل تحريضه ضد المدعية العامة غالي بهاراف ميارا، ورفضه الاعتراف بإسحاق عميت كرئيس للمحكمة العليا، بالإضافة إلى دفعه لاستقالة رئيس أركان الجيش السابق هرتسي هاليفي، ومحاولته إعفاء رئيس جهاز الأمن العام رونين بار. هذه الأفعال تعكس نقصاً في الرؤية الاستراتيجية لقادة إسرائيل، الذين يفتقرون إلى أي خطة تقدم أملاً للمستقبل، بل يزيدون من عزلتها دولياً ويفاقمون نفور العالم منها ومن اليهود.
في الوقت نفسه، تتمزق إسرائيل من الداخل، حيث تستمر طائفة الحريديم اليهودية في التهرب من التجنيد الإجباري، في حين تُكبت حرية التعبير عن الرأي. يحدث هذا في ظل صمت مخيف من نواب البرلمان، الوزراء، الشخصيات العامة، المطربين، والإعلاميين تجاه عبارات الكراهية والعنصرية التي تصدر من بعض اليهود. كما أن إعادة هيكلة قوات الشرطة وفق أفكار وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، بالإضافة إلى الهجمات على حركات الاحتجاج ضد الحكومة، تزيد من التوترات الداخلية. في نهاية المطاف، تشير هذه التطورات إلى أن إسرائيل تواجه تحديات عميقة قد تهدد وجودها إذا لم تتخذ خطوات جذرية لإعادة ترتيب أولوياتها واستعادة التوازن الأخلاقي والسياسي. هذه الحالة تجعل من الاحتفالات بذكرى التأسيس مجرد واجهة خادعة لأزمة متفاقمة، تتطلب مراجعة شاملة لمسار الدولة.
تعليقات