فقدان القدرة على تحريك أحد الأطراف أو المشي أو حتى الكلام، دون وجود أي مشكلة صحية واضحة، قد يشير إلى حالة تُعرف باسم الاضطراب العصبي الوظيفي. هذه الحالة تؤثر على آليات الجهاز العصبي دون أن تكون مرتبطة بأضرار عضوية حقيقية، مما يجعلها تجربة محبطة للكثيرين، حيث تبدو الأعراض مشابهة لأمراض أخرى مثل السكتة الدماغية أو التصلب المتعدد، لكنها تختلف في أساسها.
ما هو الاضطراب العصبي الوظيفي؟
الاضطراب العصبي الوظيفي هو حالة تؤثر على كيفية عمل الجهاز العصبي، دون أن تكون ناتجة عن تلف ميكانيكي أو مرضي في الدماغ أو الأعصاب. يعتمد الجهاز العصبي على نقل الإشارات بين الدماغ وأجزاء الجسم الأخرى لتنظيم وظائف أساسية مثل الحركة، الكلام، الرؤية، التفكير، والهضم. ومع ذلك، في هذه الحالة، تحدث الأعراض بسبب خلل في معالجة المعلومات داخل شبكات الدماغ، مما يشبه مشكلة في “برمجيات” الدماغ بدلاً من مكوناته الفعلية. على سبيل المثال، قد تظهر الفحوصات الطبية الروتينية، مثل تصوير الدماغ، طبيعية تماماً، رغم وجود أعراض شديدة. هذا النوع من الاضطرابات يصعب تشخيصه لأن الأعراض غالباً ما تتشابه مع أمراض عصبية حقيقية، مما يتطلب تقييماً دقيقاً من قبل أخصائيين ذوي خبرة لاستبعاد السبل الأخرى وتحديد العلامات التشخيصية المميزة.
أعراض الحالات العصبية الوظيفية
تتنوع أعراض الاضطراب العصبي الوظيفي بشكل كبير، مما يعقد عملية التعرف عليها ويجعلها أكثر صعوبة في التشخيص. قد تشمل هذه الأعراض الشلل أو الحركات غير الطبيعية مثل الرجفة، التشنجات، أو الحركات اللاإرادية، مما يؤدي إلى صعوبة في المشي أو تنسيق الحركات. كما قد تظهر أعراض حسية مثل الخدر، الوخز، أو حتى فقدان الرؤية مؤقتاً. بالإضافة إلى ذلك، تشمل الأعراض الانفصالية مثل النوبات أو فقدان الوعي، بينما قد يعاني بعض الأفراد من مشكلات إدراكية مثل التشوش الذهني أو صعوبة في استذكار الكلمات. غالباً ما يرتبط ذلك بألم مزمن أو تعب شديد، ويمكن أن تستمر هذه الأعراض لسنوات دون تدخل طبي، مما يدفع بعض المصابين إلى الاعتماد على كرسي متحرك. نظراً لتنوعها، يُفضل أن يقوم طبيب أعصاب أو متخصص نفسي عصبي بإجراء التقييم الشامل لتجنب التشخيص الخاطئ.
أما عن مدى شيوع هذه الحالة، فهي أكثر انتشاراً مما يُعتقد، حيث تصيب ما بين 10 إلى 22 شخصاً لكل 100,000 نسمة سنوياً، مما يجعلها أكثر شيوعاً من بعض الاضطرابات العصبية الأخرى مثل التصلب اللويحي. رغم ذلك، غالباً ما يُغفلها الأطباء أو يُفهم فهم خاطئ، مما يؤدي إلى تأخير العلاج. أما عن الفئات الأكثر تأثراً، فهي تشمل الأشخاص من جميع الأعمار، لكنها أكثر شيوعاً لدى النساء والشباب، حيث تشكل النساء حوالي ثلثي الحالات، مع انخفاض هذا الاختلاف مع تقدم العمر.
عندما يتعلق الأمر بالعلاج، لا يوجد أدوية محددة لهذه الحالة، إلا أن التركيز يكون على إعادة التأهيل الشخصي تحت إشراف فريق متخصص، يشمل أخصائيي العلاج الطبيعي، العلاج المهني، علاج النطق، والدعم النفسي. هذا النهج يساعد في معالجة الأعراض من خلال تحسين آليات الدماغ، مع تقديم معلومات دقيقة للمريض لفهم الحالة، مما يقلل من القلق والاكتئاب المصاحبين. يمكن أن يؤدي البدء المبكر بالعلاج إلى التعافي السريع لدى العديد من المصابين، حيث أظهرت الدراسات الأخيرة زيادة في الوعي وتجارب علاجية جديدة مثل العلاج النفسي أو تحفيز الدماغ. في حال عدم التدخل، قد يظل نصف المرضى على حالهم أو تتفاقم أعراضهم، لذا يُوصى بالتشخيص الدقيق والعلاج الشامل لتحسين النتائج. بشكل عام، يبقى الفهم السليم لهذه الحالة أساسياً للوقاية من الآثار الطويلة الأمد.
تعليقات