مرض التصلب المتعدد واحد من أبرز اضطرابات المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي غلاف الأعصاب المعروف بـ”المايلين”، مما يؤدي إلى تلف في الجهاز العصبي المركزي. يُعتبر نقص فيتامين د من أقوى العوامل المرتبطة بهذا المرض، إذ يلعب فيتامين د دوراً حاسماً في تنظيم عمل المناعة، وغالباً ما يرتبط هذا النقص بالتعرض القليل لأشعة الشمس في المناطق الباردة أو البعيدة عن خط الاستواء.
أسباب الإصابة بالتصلب المتعدد
يتعدد أسباب الإصابة بمرض التصلب المتعدد وتنبع من تفاعل بين العوامل البيئية والوراثية مع خلل في آليات المناعة. على سبيل المثال، العوامل البيئية تشمل نقص فيتامين د، الذي يكبح عملية تنظيم المناعة ويزيد من خطر الإصابة، بالإضافة إلى قلة التعرض لأشعة الشمس. كذلك، يُعزز التدخين من فرصة الإصابة ويسارع من تطور المرض، بينما قد تلعب العدوى السابقة بفيروسات مثل فيروس إبشتاين-بار دوراً في إثارة الاستجابة المناعية. من جهة أخرى، تشمل العوامل الوراثية وجود جينات معينة مثل HLA-DRB1، التي تزيد من القابلية للمرض، على الرغم من أن الوراثة ليس لها تأثير مباشر لكن خطر الإصابة يرتفع قليلاً لدى الأقارب من الدرجة الأولى. كما يساهم خلل في جهاز المناعة، حيث يحدث “تشويش” يجعل الخلايا تهاجم غلاف المايلين عن طريق الخطأ، مما يؤدي إلى تلف الأعصاب واضطراب الإشارات. أخيراً، أظهرت الدراسات أن بكتيريا الأمعاء تلعب دوراً، إذ أن اختلال التوازن بين البكتيريا النافعة والضارة يمكن أن يغير من استجابة المناعة. بشكل عام، تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالرجال، ويظهر عادةً بين سن 20 و40 عاماً.
أعراض مرض التصلب المتعدد
تتنوع أعراض مرض التصلب المتعدد بناءً على موقع ودرجة التأثير على الأعصاب، وغالباً ما تكون مفاجئة ومتقطعة، مما يجعلها صعبة التنبؤ. تشمل الأعراض الشائعة الشعور بألم عصبي أو تنميل في الأطراف مثل اليدين والقدمين، بالإضافة إلى ضعف عضلي يؤدي إلى فقدان التوازن أو صعوبة في المشي. كثيراً ما يشكو المرضى من دوخة متكررة أو تيبس في العضلات، وقد يواجهون عدم وضوح في الرؤية أو رؤية مزدوجة، بل وحدوث فقدان مؤقت للنظر في إحدى العينين بسبب التهاب العصب البصري. أما على مستوى الجهاز العصبي، فقد تشمل الأعراض صعوبة في التركيز أو مشكلات في الذاكرة، إلى جانب تغيرات في المزاج أو شعور بالإرهاق الشديد دون مجهود واضح. بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني الأشخاص من مشكلات في التبول مثل الرغبة المتكررة أو صعوبة في التفريغ، وأحياناً إمساك أو ألم عصبي حاد يشبه الصدمات الكهربائية عند تحريك الرقبة، وهو ما يُعرف بـ”عرض ليرميت”. في مراحل متقدمة، قد تظهر صعوبة في الكلام أو البلع. أما بالنسبة للعلاج، فهو يعتمد على تقييم الحالة الفردية ويشمل عادةً علاجات مناعية تهدف إلى إبطاء تطور المرض وتخفيف الأعراض، مما يساعد في تحسين جودة الحياة للمرضى. بشكل عام، يبقى التركيز على اكتشاف مبكر واتباع نمط حياة يعزز من الصحة المناعية، مثل تعزيز مستويات فيتامين د من خلال التعرض المناسب للشمس.
تعليقات