نما الاقتصاد السعودي خلال الربع الأول من عام 2025 بوتيرة أبطأ مقارنة بالأشهر السابقة، وسط تأثيرات سلبية على قطاع النفط، مما أدى إلىتباط في النشاط الإجمالي. وفقًا للبيانات الأولية، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.7% على أساس سنوي، وهو رقم أقل من الارتفاعات السابقة التي سجلت 4.4% في الربع الرابع من 2024 و2.9% في الربع الثالث من نفس العام. هذا التباطؤ يعكس تحديات اقتصادية متنوعة، لكنه يأتي مدعومًا بقوة من الأنشطة غير النفطية والقطاع الحكومي، الذي ساهم في الحفاظ على استمرارية النمو.
نمو الاقتصاد السعودي في ظل التحديات
في الربع الأول من 2025، شهد الاقتصاد السعودي نموًا مدفوعًا بشكل أساسي من القطاعات غير النفطية، التي ارتفعت بنسبة 4.2% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق. كما سجلت الأنشطة الحكومية زيادة بلغت حوالي 3.2%، مما يعزز من دور الإصلاحات الاقتصادية في تعزيز التنويع. هذه التطورات تأتي في سياق جهود واسعة لتقليل الاعتماد على النفط، حيث أظهرت البيانات أن الأنشطة غير الاستخراجية مثل الخدمات والتجارة أصبحت محركًا رئيسيًا للنمو. ومع ذلك، يبقى هذا النمو معرضًا للضغوط الخارجية، حيث انكمش الناتج النفطي بنسبة 1.4% على أساس سنوي، بعد ارتفاع سابق بلغ 3.5% في الربع الأخير من 2024. هذا الانكماش يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتراجع أسعار الخام وتطبيق اتفاقيات خفض الإنتاج ضمن تحالف أوبك+، الذي ساهم في الحد من الإنتاج لاستقرار الأسواق العالمية.
تطورات قطاع النفط والتأثيرات الاقتصادية
من جانب آخر، يعكس انكماش الأنشطة النفطية صورة أوسع للتغيرات في الاقتصاد العالمي، حيث بلغ الانكماش في هذا القطاع 11.1% و8.8% في الربعين الأول والثاني من 2024 على التوالي، بسبب الالتزام بسياسات خفض الإنتاج. في مطلع أبريل 2024، أعلنت أوبك+ عن اتفاق لتسريع إنهاء بعض التخفيضات، مما شمل زيادة الإنتاج بمقدار 411,000 برميل يوميًا بدءًا من مايو، وهو قرار أدى إلى زيادة الضغوط السلبية على أسعار النفط وتمديد خسائرها. هذه التغييرات تجعل الاقتصاد السعودي يواجه تحديات في الحفاظ على الاستقرار، خاصة مع توقعات باستمرار انخفاض الأسعار تحت عوامل خارجية مثل السياسات التجارية العالمية.
في السياق نفسه، أكدت تقارير اقتصادية حديثة على الحاجة لتعزيز التنويع الاقتصادي، حيث خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى 3% للعام 2025، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 4.6%. هذا التصحيح يعزى إلى الضغوط المستمرة على أسعار النفط، التي قد تتراجع بحوالي 7 إلى 10 دولارات للبرميل بسبب تأثيرات محتملة للرسوم الجمركية والتباطؤ في الطلب العالمي. نتيجة لذلك، من المتوقع أن يؤثر ذلك على الفوائض المالية للسعودية والدول المنتجة للنفط بشكل عام، مما يدفع نحو تبني استراتيجيات أكثر مرونة.
للحد من هذه التحديات، يركز الاقتصاد السعودي على تعزيز القطاعات غير النفطية، مثل السياحة والتكنولوجيا، لتعزيز النمو المستدام. على سبيل المثال، الارتفاع في الأنشطة الحكومية يشمل استثمارات في مشاريع البنية التحتية وبرامج التنمية، التي تساهم في خلق فرص عمل ودعم الابتكار. مع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو مواجهة تقلبات أسعار الطاقة، حيث أصبح من الضروري تعزيز السياسات المالية للحفاظ على التوازن بين النمو والاستدامة. في الختام، يبدو أن الاقتصاد السعودي في طريقه للتكيف مع الواقع الجديد، مستفيدًا من قوة القطاعات المنوعة لمواجهة المخاطر المستقبلية.
تعليقات