ظهرت في أحياء متنوعة من العاصمة الجزائر حفر وثقوب واسعة أثار سكانها الدهشة والقلق، حيث أشعلت هذه الظواهر تساؤلات حول وجود أنفاق قديمة مخفية تحت الأرض.
أنفاق سرية تكشف أسرار العاصمة الجزائر
شهدت بلدية باب الوادي انهيارًا مفاجئًا للأرضية، مما أدى إلى ظهور ثقب كبير أثار دهشة السكان، الذين اعتقدوا في البداية أن الأمر مجرد تلف طبيعي في التربة. ومع ذلك، عمق الحفرة الهائل دفع المواطنين والمسؤولين إلى التساؤل عن أسباب أعمق. سرعان ما تم حجب الموقع بحواجز أمنية لتجنب المخاطر. بعد يومين فقط، تكرر الحدث في بلدية الأبيار، حيث برزت حفرة أخرى كبيرة أجبرت على إغلاق الشارع الرئيسي بالكامل، في انتظار تدخل الجهات المتخصصة مثل اللجنة التقنية للبناء. ومن قبل، كان الطريق السيار الوطني رقم 5 قد تعرض لانهيارات مشابهة، مما استدعى تدخلاً عاجلاً لإعادة ردم المنطقة.
الثقوب الغامضة في تاريخ المدينة
أكد خبير دولي في مجال العمران أن مثل هذه الانهيارات ليست ظاهرة نادرة في العاصمة الجزائر، حيث بنيت المدينة على هضبة تاريخية تعود إلى العصور الفينيقية والرومانية. يعود جزء كبير من هذه الحفر إلى أنفاق قديمة اكتشفت سابقًا، مثل تلك التي وجدت تحت ساحة الشهداء وعمقها يصل إلى 30 مترًا خلال أعمال حفر مشروع المترو. في عام 1830، خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية، تم تصميم المدينة بناءً على نموذج باريس، حيث ركزت على بناء الجزء السفلي أولاً مثل قنوات الصرف الصحي وتصريف الأمطار. هذه التضاريس الجبلية فرضت تشييد أنفاق مترابطة من أعالي بوزريعة إلى بلدية الأبيار وصولاً إلى البحر لتدفق مياه الأمطار.
تُعتبر هذه الشبكة شبه متاهة، فقد استخدمت خلال العشرية السوداء (1990-2000) كمخابئ للجماعات المسلحة، مما دفع السلطات إلى إغلاقها لأسباب أمنية. ومع ذلك، حتى الآن، لا تمتلك السلطات المحلية مخططات دقيقة لهذه الأنفاق، مما يؤدي إلى مشكلات في التعامل مع مياه الأمطار، ويؤدي إلى فيضانات مفاجئة. يؤكد الخبير أن الانهيارات ليست نتيجة عوامل طبيعية فقط، بل تراكمات ناتجة عن إهمال صيانة هذه القنوات، حيث تتسبب في ظهور فجوات ضخمة تهدد السلامة العامة. في الختام، يشكل هذا الوضع تحديًا يتطلب دراسات شاملة لفهم التراث التاريخي والحفاظ على المناطق السكنية، مع ضرورة تعزيز الجهود لرسم خرائط دقيقة وإجراء صيانة منتظمة لمنع الكوارث المستقبلية. يبقى هذا الموضوع شاهدًا على تاريخ الجزائر الغني بالأسرار المخفية تحت أرضها، مما يدعو إلى مزيد من الاستكشاف والحماية لضمان أمان السكان.
تعليقات