شهدت أسعار النفط تراجعاً حاداً خلال جلسات التداول الأخيرة في أبريل 2025، مما يعكس تحديات اقتصادية عالمية وتغيرات في استراتيجيات الإنتاج. هذا الانهيار يُعتبر الأكبر من نوعه منذ نوفمبر 2021، ويرتبط بزيادة محتملة في الإمدادات من الدول المنتجة الرئيسية، إلى جانب تأثيرات الحروب التجارية على الطلب العالمي.
تراجع أسعار النفط
أدى الضغط الاقتصادي العالمي إلى انخفاض كبير في أسعار النفط، حيث سجل خام برنت هبوطاً بقيمة 1.13 دولار، أو نسبة 1.76%، ليصل إلى 63.12 دولار للبرميل. في الوقت نفسه، انخفض الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط بأكثر من 2.21 دولار، أو 3.66%، ليغلق عند 58.21 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2021. هذا التراجع يعكس تأثير عوامل متعددة، بما في ذلك تقارير حول سعي السعودية لزيادة إنتاجها لاستعادة حصتها في السوق، مما يزيد من مخاوف السوق من زيادة العرض العالمي. في شهر أبريل وحده، فقد الخام برنت أكثر من 15.55% من قيمته، بينما خسر الخام الأمريكي نحو 18.56%، مما يمثل خسارة شهرية غير مسبوقة ويعزز من توقعات الضعف في الطلب العالمي على الوقود.
أسباب انخفاض أسعار الطاقة
يعود هذا الانخفاض إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والتجارية، حيث أشارت تقارير إلى عدم استعداد السعودية للتدخل من خلال تخفيضات إضافية في الإنتاج، مما قد يؤدي إلى حرب إنتاجية جديدة. من بين الأسباب الرئيسية ارتفاع الإنتاج المتوقع من الدول المنتجة، بالإضافة إلى تأثير الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، الذي يعيق النشاط الاقتصادي العالمي. كما ساهم الانكماش الاقتصادي في الولايات المتحدة، مع ارتفاع الواردات لتجنب الرسوم الجمركية، في تعزيز هذا التراجع. في الصين، تراجع نشاط المصانع إلى أسرع وتيرة انكماشية منذ 16 شهراً، بينما انخفضت ثقة المستهلكين الأمريكيين إلى أدنى مستوياتها في خمس سنوات. هذه العوامل مجتمعة تعزز من توقعات ضعف الطلب على النفط في المستقبل القريب، مما يفاقم الضغوط على الأسعار.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات اقتصادية أخيرة انكماش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول من 2025، نتيجة لزيادة الواردات وتراجع النشاط التصنيعي. وفقاً لمؤشرات حديثة، انخفضت ثقة المستهلكين في أبريل، مما يشير إلى تباطؤ في الإنفاق وانخفاض في الطلب على الطاقة. ومع ذلك، قدمت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بعض الإيجابيات، حيث سجل مخزونات الخام انخفاضاً مفاجئاً قدره 2.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 25 أبريل، مدعوماً بزيادة الصادرات وزيادة الطلب من المصافي. هذا الانخفاض ساعد في تخفيف بعض الخسائر، لكنه لم يكن كافياً لمنع الاتجاه الهبوطي العام.
في هذا السياق، تظل أسعار النفط عرضة للتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية، خاصة مع اقتراب اجتماع أوبك+ المقرر في 5 مايو. هناك دعوات من بعض أعضاء المنظمة لزيادة الإنتاج بدءاً من يونيو، مما قد يعمق التراجع إذا لم تتحقق اتفاقيات لدعم السعر. في الختام، يبدو أن الأسواق تتجه نحو فترة من عدم اليقين، حيث تتفاعل العوامل الاقتصادية العالمية مع السياسات الإنتاجية لتشكيل مستقبل أسعار النفط.
تعليقات