في خطوة تاريخية تعكس التقدم الإداري والاجتماعي في العراق، أصدر الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد مرسوماً جمهورياً يقضي بتحويل حلبجة إلى محافظة مستقلة. هذا القرار، الذي حظي بموافقة مجلس النواب، يعزز من الهيكل الإداري للبلاد، حيث أصبحت حلبجة المحافظة التاسعة عشرة في العراق، وتضاف إلى المحافظات الأخرى في إقليم كردستان مثل إربيل والسليمانية ودهوك. يأتي هذا الإعلان كإحياء للتراث والتضحيات التي تخللت تاريخ المنطقة، مع الالتزام بتعزيز الاستقرار وتحقيق العدالة لسكانها.
استحداث محافظة حلبجة
كانت عملية إصدار المرسوم الجمهوري مصحوبة بحضور مميز، إذ وقع الرئيس على الوثيقة في اجتماع حضره عدد من أعضاء مجلس النواب والمسؤولين الحكوميين، بالإضافة إلى ممثلين عن عائلات ضحايا الهجوم الكيمياوي الذي تعرضت له المدينة في عهد الرئيس السابق صدام حسين. اختير وقت محدد للتوقيع، وهو الساعة 11:35 صباحاً، ليتزامن مع لحظة الهجوم الأليم في 16 مارس 1988، مما يرمز إلى الإحياء التذكاري للضحايا وتكريمهم. في بيان أصدرته الرئاسة العراقية، أكد الرئيس أن الجهود المبذولة كانت شاملة، حيث بذلت الرئاسة جهوداً مكثفة مع جميع الأطراف السياسية لتسريع إقرار القانون، وذلك لإنصاف أهالي حلبجة وكفاحاً للإيفاء بدماء الشهداء.
أبرز الرئيس في تصريحاته أن محافظة حلبجة تجسد رموز الصبر والتضحية والشجاعة، مشدداً على ضرورة استكمال الإجراءات القانونية والإدارية لضمان عيش كريم لسكانها. وأشار إلى أهمية تعويض المنطقة عن الضرر الذي لحق بها بسبب سياسات النظام السابق، معتبراً أن هذا القرار يمثل خطوة نحو الشفاء التاريخي والتنمية المستدامة. من جانب آخر، تشمل خلفية هذا القرار موافقة مجلس الوزراء على مشروع القانون في 13 مارس 2023، الذي تم إحاله إلى البرلمان للتصويت عليه، وتمت المصادقة النهائية في 14 أبريل الماضي. تقع محافظة حلبجة في موقع استراتيجي، على بعد حوالي 240 كيلومتراً شمال شرق بغداد، وعند الحدود الإيرانية بمسافة 14 كيلومتراً، في سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد عبر الحدود بين العراق وإيران، مما يمنحها أهمية جغرافية واقتصادية.
تأسيس الإقليم الجديد
يمثل تأسيس محافظة حلبجة نقطة تحول في التنظيم الإقليمي للعراق، حيث يفتح أبواباً للتنمية الشاملة في المناطق المتضررة تاريخياً. هذا الإقليم الجديد لن يقتصر على التحسين الإداري فحسب، بل سيعمل على تعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والاقتصاد المحلي، مع التركيز على استعادة الثقة لدى السكان بعد سنوات من الصراعات. يُنظر إلى هذا القرار كفرصة لدمج حلبجة في النسيج الوطني بطريقة أكثر اندماجاً، مع الحرص على الحفاظ على هويتها الثقافية والتاريخية. كما أن الخطوات اللاحقة تشمل تفعيل المشاريع الإنمائية لتعويض المنطقة عن الخسائر السابقة، وذلك من خلال استثمارات في البنية التحتية والزراعة والسياحة، التي يمكن أن تحول حلبجة إلى نموذج للتقدم في العراق. هذا التأسيس يعكس أيضاً التزام الحكومة ببناء مستقبل أفضل، حيث يركز على دعم السكان المحليين لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، مما يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية وتعزيز الأمان في المنطقة. بالإجمال، يُعتبر هذا القرار خطوة حاسمة نحو الشفاء والتطور، مع التأكيد على أن حلبجة لن تكون مجرد محافظة إدارية، بل رمزاً حياً للقوة والإصرار في وجه التحديات التاريخية.

تعليقات