بعد أكثر من أربعة عشر عاماً من العزلة المالية، تعيد سورية ترتيب أوراقها نحو الانفتاح الاقتصادي، مدعومة بجهود دولية تبرز التوجه نحو إعادة الإعمار والتعاون المالي. هذا التحول يأتي مع خطوات ملموسة من الرياض والدوحة، حيث سددتا المتأخرات المالية لصالح البنك الدولي، مما يفتح أبواباً جديدة للاستثمارات والدعم الدولي، ويعكس تحولاً سياسياً واقتصادياً يربط مصالح الدول العربية بمستقبل سورية.
انفتاح اقتصادي لسورية
أكد الخبير الاقتصادي عابد فضلية أن تسديد الديون بقيمة 15 مليون دولار من قبل السعودية وقطر يمثل نقلة نوعية، إذ يعيد سورية إلى دائرة البنك الدولي ويمهد لقروض إضافية تتجاوز 300 مليون دولار. هذا الدعم يركز على مشاريع استراتيجية مثل دفع رواتب القطاع العام وتطوير البنية التحتية، بما في ذلك توليد الكهرباء، مع ضمانات دولية من واشنطن وأوروبا. يعزز هذا التحرك دور الرياض والدوحة في دعم الاقتصاد السوري، كامتداد لمساعداتهم السياسية والإغاثية، حيث يتمحور الفكر في تحويل النفوذ السياسي إلى مؤسسي، مما يمنح السعودية دوراً بارزاً في توجيه التمویلات ومشاركة المناقصات الدولية. كما أن ذلك يفتح الباب أمام الشركات السعودية للتنافس على عقود إعادة الإعمار، التي قد تصل تكلفتها إلى 400 مليار دولار، مشجعاً على تدفق الاستثمارات الخليجية نحو قطاعات حيوية مثل الطاقة والموانئ.
دعم مالي دولي
من جانب آخر، شدد الأكاديمي مجد صقور على أن سداد هذه الديون يعزز ثقة المؤسسات المالية العالمية، مما يحسن تصنيف سورية الائتماني ويفك قيود العقوبات الاقتصادية. هذا التحرك يمكن اعتباره بوابة لإعادة فتح الأسواق أمام الاستثمارات، حيث يتطلب من سورية إجراء إصلاحات شاملة تتوافق مع المعايير الدولية لإعادة هيكلة السياسات المالية. مع ذلك، يؤكد صقور أن التعافي الاقتصادي يجب أن يشمل القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة، مستفيداً من الدعم الإقليمي لضمان اندماج سورية في النظام الاقتصادي العالمي. هذه الخطوات لن تقتصر على تسديد الديون، بل ستساهم في رفع قدرتها على الاقتراض المستقبلي، مما يعزز التنمية المستدامة ويرسل رسائل إيجابية للمستثمرين، مدعوماً بتدفق المنح والاستثمارات العربية لتحفيز القطاع العام وإعادة تشغيل العجلة الاقتصادية. في نهاية المطاف، يمثل هذا الدعم تعبيراً عن الثقة في قدرة سورية على النهوض، مع الحاجة إلى استراتيجيات واضحة تتجاوز التحديات المالية لتحقيق اندماج فعّال.
تعليقات