تعد السعودية اليوم من أبرز الوجهات السياحية الصاعدة عالميًا، حيث أحدثت تحولًا شاملًا في قطاع السياحة ضمن رؤية 2030، مما جعلها وجهة تجمع بين التراث الغني والابتكار الحديث. في السابق، كانت السعودية تُعرف أساسًا كمقصد ديني لأداء مناسك الحج والعمرة، لكن السياحة غير الدينية كانت محدودة. الآن، يبرز القطاع كمحرك اقتصادي رئيسي، مدعومًا بمكونات طبيعية وثقافية متنوعة، مثل جبال العلا الرائعة، وشواطئ البحر الأحمر الساحرة، والدرعية التاريخية، بالإضافة إلى مشاريع مستقبلية مثل نيوم والقدية. هذه العناصر تقدم تجربة سياحية فريدة تجمع بين الأصالة والتكنولوجيا المتقدمة، مع استضافة فعاليات رياضية وترفيهية عالمية، مما يعزز من سمعة السعودية كوجهة شاملة للاستكشاف والترفيه.
السعودية كوجهة سياحية عالمية صاعدة
في ظل رؤية 2030، قامت السعودية بتطوير منظومة شاملة لتحفيز السياحة من خلال ست جهات رئيسية، بما في ذلك وزارة السياحة وصندوق التنمية السياحي والهيئة السعودية للبحر الأحمر، بالإضافة إلى برنامج الربط الجوي ومجلس التنمية السياحي. هذه الجهات تعمل على تنفيذ تشريعات ومبادرات استراتيجية، مثل إصدار التأشيرات السياحية لأول مرة في عام 2019، وإطلاق منصة “روح السعودية” لترويج الفعاليات والأنشطة المتنوعة. كما تم التركيز على مشاريع عملاقة مثل مشروع البحر الأحمر وأمالا، إلى جانب الدرعية كجوهرة سياحية، ومشاريع أخرى في القدية ونيوم والعلا. هذه المشاريع تشجع مشاركة القطاع الخاص، مما أدى إلى ارتفاع الاستثمارات من 1.2 مليار ريال في عام 2021 إلى 14.8 مليار ريال في السنوات التالية. على سبيل المثال، ساهم صندوق التنمية السياحي بتمويل 64 مشروعًا بقيمة تفوق 10.9 مليار ريال بين 2021 و2023، مما يعكس الالتزام بتعزيز البنية التحتية السياحية.
تطور السياحة في المملكة العربية السعودية
شهدت السعودية نموًا كبيرًا في الإنفاق السياحي، حيث بلغ إجمالي الإنفاق من السياح الأجانب حوالي 816 مليار ريال خلال الفترة من 2016 إلى 2024، مع ارتفاع ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث وصل إلى 141 مليار ريال في عام 2023 و154 مليار ريال في العام التالي. تجاوز الإنفاق الإجمالي حاجز 1.2 تريليون ريال على مدار ثماني سنوات، مع مساهمة كبيرة من السياح الوافدين الذين يمثلون 53% من الإنفاق، مقابل 47% للسياح المحليين. كما انخفض التركيز على السياحة الدينية من 60% قبل رؤية 2030 إلى 55% بنهاية عام 2023، مع تنويع المشاريع الترفيهية والثقافية. هذا التطور ساهم في تجاوز هدف عدد السياح، حيث وصل إلى أكثر من 100 مليون سائح محلي وأجنبي في عام 2023، مما دفع الحكومة إلى رفع الهدف إلى 150 مليون سائح بحلول 2030. نتيجة لذلك، ارتفعت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.4%، مع هدف الوصول إلى 10%، إلى جانب إنشاء فرص عمل جديدة وبرامج توطين. منذ عام 2016، بلغ إجمالي عدد السياح حوالي 564 مليون سائح، مع 79% منهم محليين و118.7 مليون سائح أجنبي. كما أدى هذا الارتفاع إلى تحقيق فائض في بند السفر في ميزان المدفوعات، حيث سجل 50 مليار ريال في العام الماضي، مما يعكس تحسنًا اقتصاديًا ملحوظًا رغم زيادة السياحة المغادرة. يستمر هذا التقدم من خلال إطلاق مشاريع ومهرجانات سنوية، مما يضمن استمرارية النمو في قطاع السياحة كمحرك رئيسي للاقتصاد السعودي.

تعليقات