مع قدوم شهر أبريل، ينطلق موسم حصاد البطاطس في مركز البدرشين، حيث يتجه المزارعون إلى حقولهم الخصبة ليبدأوا يومًا مليئًا بالجهد والأمل. هذه الفترة تشهد عملًا يدويًا شاقًا، يجمع بين التقاليد الريفية والروح الجماعية، حيث يحمل العمال فؤوسهم ومحاريثهم البسيطة لاستخراج المحصول من باطن الأرض. الجو يعج بالحيوية، مع تبادل النكات والتشجيع بين الأفراد، مما يخفف من وطأة التعب ويرسم صورة حية للحياة الزراعية في هذه المناطق.
موسم حصاد البطاطس في البدرشين
في هذا الموسم، يبدأ العمال رحلتهم مع شروق الشمس، حاملين أدواتهم التقليدية ليواصلوا الحصاد حتى منتصف النهار. كل يوم يمثل تحديًا جديدًا، لكنه يحمل أيضًا لمسات من الفرح والتفاؤل، حيث يعمل الرجال والنساء جنبًا إلى جنب لجمع محصول “العروة الصيفية”. يروي أحد العمال، سعيد رجب عبد الله، تجربته قائلًا: “منذ صغري، تعلمت أن الرزق يأتي من العمل الدؤوب، فكل ثمرة بطاطس تخرج من الأرض بعد جهد كبير، ونحن نلتقي في السادسة صباحًا لنؤدي مهامنا بدقة”. هذه الرواية تعكس كيف أصبحت أدوات مثل الفأس جزءًا لا يتجزأ من حياة هؤلاء الأشخاص، حاملة ذكريات الأيام الطويلة والجهود المبذولة. أما الشاب علي أحمد، الذي لم يتجاوز الثانية والعشرين، فيصف يومه بالقول: “أواجه التحديات يوميًا، لكنني أكافح من أجل أحلامي، مثل تأسيس أسرة ودعم عائلتي، فالعمل في الحقول يمنحني القوة لمواجهة الحياة”. هذه القصص تبرز كيف يعتمد الموسم على الروح الجماعية، حيث يتشارك الجميع في جمع المحصول ونقله إلى المخازن أو الأسواق، مما يضمن استمرارية العمل بكفاءة.
جمع محصول البطاطس
عملية جمع محصول البطاطس تشمل خطوات دقيقة تبدأ بحراثة الأرض باستخدام المحراث التقليدي، الذي يظل الأفضل رغم تطور الآلات الحديثة، لأنه يحمي الأرض ويقلل من الأضرار. يشرح مالك أرض مثل عبد الفتاح نوير هذه المراحل قائلًا: “نبدأ باستخراج البطاطس من باطن الأرض، ثم يتولى آخرون مهمة تجميعها وتجهيزها للنقل، مع الاعتماد على فريق كبير من العمال الذين يتوافدون منذ ساعات الصباح الأولى”. هذا الجهد الجماعي يستمر بلا انقطاع حتى اقتراب الظهيرة، حين يتوقفون لتجنب تأثير أشعة الشمس الساطعة على جودة المحصول. في هذا السياق، يبرز دور كل فرد في ضمان نجاح الموسم، سواء كان ذلك من خلال الحراثة أو التنظيم، مما يعزز من الإنتاجية ويساهم في دعم الاقتصاد المحلي. هذه العملية ليست مجرد روتين يومي، بل هي تعبير عن الارتباط بالأرض والتزام بالتقاليد التي تنقل من جيل إلى آخر، مع الأمل في موسم غزير يساعد في تلبية احتياجات الحياة اليومية. في النهاية، يظل هذا الموسم رمزًا للصمود والعمل الدؤوب، حيث تتداخل القصص الشخصية مع الجهود الجماعية لتشكيل صورة حية عن حياة المزارعين في البدرشين.
تعليقات