يعتقد العلماء أن الكوكب الأحمر، المريخ، كان في الماضي البعيد يشبه الأرض من حيث الخصائص المناخية، حيث تجولت مركبة ناسا “بيرسيفيرانس” خلال السنوات الأربع الماضية في منطقة اعتبرها الباحثون موقع نهر قوي كان يتدفق في فوهة بركانية، مما أدى إلى تشكيل دلتا ضخمة. هذه الملاحظات تدعم فكرة أن سطح المريخ شهد تساقطات مستمرة للأمطار والثلوج، مما خلق شبكات واسعة من البحيرات والأنهار، وفقًا لنماذج كمبيوتر حديثة.
هل كان المريخ قديمًا مغطى بالماء؟
تشير دراسة نشرت في 21 أبريل في مجلة “الأبحاث الجيوفيزيائية: الكواكب” إلى أن توزيع الخصائص الجيولوجية على سطح المريخ يتوافق بشكل أكبر مع سيناريو هطول الأمطار المنتظمة، بدلاً من مجرد ذوبان الجليد. يبعد المريخ عن الأرض حوالي 140 مليون ميل في المتوسط، وكان في تاريخه المبكر دافئًا ورطبًا، مما يعارض النظرية السائدة التي ترى أن الكوكب كان باردًا وجليديًا في بداياته. ومع ذلك، يظل لغز مصدر المياه على المريخ غير محلول، حيث تفترض معظم نماذج المناخ أن درجات الحرارة السطحية كانت منخفضة جدًا لتسمح بوجود الماء السائل، مما يثير أسئلة حول كيفية تشكل تلك الوديان والقنوات الواضحة.
قالت باحثة ما بعد الدكتوراه في مجال العلوم الجيولوجية إن هذه الوديان تبدأ في ارتفاعات متنوعة، ومن الصعب تفسير ذلك بالاعتماد على الجليد وحده. من خلال محاكاة حاسوبية، قام الفريق بتعديل نموذج أصلي مصمم للأرض ليتناسب مع تضاريس المريخ بالقرب من خط الاستواء، حيث تمتد قنوات واسعة من المرتفعات وتصب في بحيرات قديمة، وربما حتى محيط. حاليًا، تكتشف مركبة “بيرسيفيرانس” موقع فوهة جيزيرو، الذي كان يتلقى مياه نهر قوي في الماضي.
تحديات مناخ الكوكب الأحمر
استكشفت الدراسة نموذجين رئيسيين لتفسير تشكل الوديان: الأول يفترض مناخًا دافئًا ورطبًا يعتمد على هطول الأمطار، والثاني يركز على ذوبان الجليد المؤقت عند حواف غطاء جليدي كبير، مما يشير إلى بيئة باردة وجافة. نتائج هذه المحاكاة أظهرت اختلافات جذرية في توزيع الوديان، مما يدعم فكرة أن مناخ المريخ القديم كان أقرب إلى مناخ الأرض في بعض الفترات. رغم الحاجة إلى أدلة إضافية، فإن البحث مستمر لفهم كيف بقي الكوكب دافئًا بما يكفي لتساقط الأمطار أو الثلوج. هذه الدراسة تقدم أدلة قيمة ليس فقط على تاريخ المريخ، بل أيضًا على تطور الكواكب الأخرى، بما في ذلك الأرض في مراحلها المبكرة. في النهاية، يبقى السؤال عن كيفية تشكيل هذه السمات الجيولوجية مفتوحًا، مما يدفع العلماء لاستكشاف المزيد من النماذج والملاحظات لتأكيد هذه الفرضيات.
تعليقات