الخيل تهذّب ولا تُدلّل.. رحلة داخل عالم الخيول مع حاتم ستين: “ورا كل نظرة معنى”
لماذا يعشق البشر الخيول؟ سؤال قد يبدو بسيطًا، لكن الإجابة عليه تأخذنا إلى عالم ساحر، مليء بالأسرار والعبر والقصص التي لا تُنسى. من هذا السؤال بدأنا رحلتنا داخل عالم الخيول بصحبة الدكتور حاتم ستين، أحد أبرز المهتمين بعلاج ورعاية الخيل في مصر، والذي فتح لنا أبواب هذا العالم بكل حب وشغف.
“ورا كل حصان في قصة، وورا كل نظرة خيل في معنى”… هكذا عبّر د. حاتم عن الرابط الفريد بين الإنسان والخيل، مؤكدًا أن العلاقة بين الفارس والحصان تُشبه في عمقها علاقة العاشق بمحبوبته، فالخيل مخلوق رقيق لكنه شديد العزة، لا يقبل الإهانة، ولا يُعامل بالدلال بل بالتهذيب.
أوضح د. حاتم أن للخيل لغة خاصة، لا يتقنها إلا من عاشرها طويلًا، فهي مزيج بين الموهبة والخبرة، تُقرأ في نظرات العيون، وتُفهم من خلال الطاقة التي يبثها الجسد. وأضاف أن الخيول تُعلِّم الإنسان الصبر، وتُظهر له أن القوة وحدها لا تكفي، بل تحتاج إلى حنان وفهم وعلم.
في حديثه، استعرض الدكتور حكايات لخيول مرّت بتجارب مؤثرة، منها الحصان “رضا” الذي كانت رائحته تُشبه رائحة الموت عند قدومه، لكنه الآن في طريقه للتعافي. و”حرّانية” التي فُصلت عن ابنها بعد الولادة وعانت من الإهمال، لكن حالها تحسّن بشكل كبير. أما “أبو الهول”، أضخم خيل في مصر، فكان رياضيًا باهظ الثمن وتعرض لإصابة في ركبته، فاشتراه د. حاتم وعالجه بمحبة واهتمام.
ولكل خيل اسم مرتبط بالمنطقة التي جاء منها، ولكل منهم قصة، فكما قال: “كل واحة من الخيول مرّت بحكاية”، مشيرًا إلى أن الحصان يُشبه الساعة في انتظام عاداته، فإذا اختلت واحدة منها، فذلك مؤشر واضح على وجود مشكلة صحية.
كما كشف د. حاتم عن علامات المرض في الخيول، مثل تغير لون العين (الأزرق يدل على التسمم، والأسود على خطورة كبيرة)، أو قيام الحصان بالدحرجة على الأرض، بالإضافة إلى اضطرابات في أعضائه الداخلية. وأشار إلى وجود معدات طبية خاصة لعلاج الخيل، من بينها أنابيب لتفريغ المعدة، وأشعة مماثلة لتلك الموجودة في المستشفيات، وأجهزة لفحص الحافر.
وأكّد أن الحصان العربي الأصيل هو الأجمل والأقوى والأكثر تحمّلًا للظروف الصعبة، وأنه يتميز بسلالة موثقة ومسجلة، تعكس طاقة من يمتطيه وتستشعر الخطر.
ومن القصص المؤثرة التي رواها، قصة “عزيز” الذي تعرّض لضربة في عينه من أحد الأشخاص، فامتنع عن الطعام وعاش على المحاليل لفترة طويلة، حتى تعافى بالعلاج والمثابرة.
واختتم د. حاتم اللقاء بأهم درس تعلّمه من الخيول:
“الخيول تُعلّمنا الصبر في وقت المرض، وأن القوة وحدها لا تكفي، فحتى أقوى الكائنات تُهزم أمام الألم… لكنها تنهض من جديد.”
تعليقات